/ صفحه 318 /
وحده، وأن جميع من سواه من الناس مبطل، فإن ذلك لا يصح إلا في شئ واحد فقط هو إيمان المؤمن بما كلفه الله الإيمان به.
وليس من أسلوب جماعة التقريب أن تطلب إلى أحد أن يتجرد من مذهبه، أو يندمج في مذهب غيره، أو أن تطلب من الناس أن يتلاقوا في منتصف الطريق فيتنازل كلٌّ عن بعض رأيه، أو أن يأخذوا برأيها هي في المسائل التي تعرض للبحث، وإنما أسلوبها الذي لا تحيد عنه هو أن تسل من الصدور احقادها، وتنزع من الرؤوس أهواءها وتعصباتها، وتوسع أمام الناس ما وسعه الله من الرأي والنظر فيما هو مجال للرأي والنظر، وأن تردهم إلى الحدود التي رسمها الله للعقيدة والايمان فلا يتعدوها ولا يختلفوا عليها، فإذا آمن المسلم بان الله واحد أحد متصف بكل كمال منزه عن كل نقصان، قد جرت سنته بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وأن وراء هذه الدار دارا أخرى للجزاء على الخير بالخير وعلى الشر بالشر، وأن هناك جنة وناراً وحساباً، إلى غير ذلك مما جاء به الصادق الامين، وأخبر به المعصوم، فلا عليه بعد ذلك أن يعلم خلافات المتكلمين، وفلسفة المتفلسفين، وإذا علم شيئا من ذلك واستراح منه إلى ما لا ينافي عقيدة أمر الله بها فله ما رأى، ولغيره ما رأى.
إن قواعد الإسلام التي لا يكون المسلم مسلماً إلا بها هي موضع وفاق بين جميع المسلمين، وإذا قلنا المسلمين فلا نقصد كل من يصف نفسه بهذه الصفة، أو كل من ينسبهم الناس إلى الإسلام بغير حق، فإننا نعرف أن قوماً من القدماء والمحدثين قد اعتقدوا عقائد منافية للإسلام، ومنهم من أنكر الصلوات الخمس، أو غير فيها وبدل، ومنهم من ادعى أن النبوة لم تختم بمحمد صلوات الله وسلامه عليه، فهؤلاء ليسوا منا ولسنا منهم في شئ، وإذا كان بعض الطوائف القديمة قد ترك فيما يؤثَر عنه مما حوته الكتب آراء شاذة، أو أفكاراً منافية للعقيدة الإسلامية الصحيحة، فإن هذا شئ قد عفّى عليه الزمان، ولم يعد أحد من الطوائف الحاضرة يؤمن به أو يعوّل عليه، لأن التطور الفكري قد أدرك هذه