/ صفحه 33 /
ما دام القصد تقرير أحكام لمعالجة أحوال واحدة فمن المسلَّم به أنه كثيراً ما تتفق خواطر الأطباء عند بحث مرض واحد على نفس العلاج ولو لم يتم بينهم بهذا الشأن تفاهم سابق. ونحن إذا رجعنا بمختلف الحلول إلى الأصول الكلية ظهر الخلاف وتميزت الشريعة بطابعها الخاص وعرف المصدر على حقيقته ولم يعد مجال للقول أو الاستنتاج.
على أن ما بين التشريعين الإسلامي والروماني القديم من اتفاق لا يكاد يذكر في بعض الجزئيات يجب ألا يسنينا مدى التباين والاختلاف القائم بينهما ويظهر ذلك في مسائل الأحوال الشخصية وفي أحكام الملكية ومبادئ العقود وقواعد تعويض الضرر وغير ذلك من القواعد والأصول الكلية، وقد استحدث الكتاب العزيز والسنة الشريفة مبادئ لم تسد حتى ذلك الوقت ولم تتقرر في القوانين الغربية إلا بعد أن تطورت وتقدم بها العهد. من ذلك الأمر العام بالوفاء بالعقود الوارد في سورة المائدة، والنهي العام عن أكل أموال الناس بالباطل في سورة النساء، والمبدأ العام القاضي بأن لا ضرر ولا ضرار الوارد في السنة.
ولم يتضح التلاقي في بعض الأحكام إلا بعد أن تطور القانون الروماني وتجرد من الشكلية وبعد أن التقى في تطوره بعوائد وتقاليد شعوب وأجناس مختلفة وخاصة بعد أن التقى بالعوائد والتقاليد الجرمانية فأخذ بذلك يقترب في بعض نواحيه من الأساليب التي أخذت بها الشريعة الإسلامية التي قامت قبل ذلك التطور بزمن طويل.
فاذا قامت المقارنة بين الشريعة والقانون الروماني الحديث فربما وجدنا في أحكام هذا القانون ما يلتقي أحيانا بما جاءت به الشريعة من أحكام. ولكن إن صح القول هنا بالاقتباس فالأولى أن يسند ذلك إلى القانون المتبع في القارة الاوربية لتأخره في التاريخ. بل إن البعض قد وصف القانون الروماني لذلك السبب بأنه (فقه إسلامي أخذ من الأندلس) ويكون لهذا الوصف قيمته إذا كان المقصود بالنظر هو القانون الروماني الجديد فليس ثمة ما يمنع من ان يكون