/ صفحه 336/
وصلاة، وبعضه إلى الاسرة من زواج وطلاق وإيلاء وعدة إلى آخر ما اشتملت عليه مما يحتاج إليه المسلمون في تنظيم نواحي الحياة، وأنها مع هذا وذاك عنيت في مبدئها ووسطها وخاتمتها بتجلية العقيدة الحقة التي جاءت لتقريرها ودعوة الناس إليها رسالة الإسلام، فجاء في أولها: " ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، والذين يؤمنون بما أنزل اليك وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون، أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون " وجاء في وسطها وبين مقصديها: " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملاكئة والكتاب والنبيين، وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذي صدقوا واولئك هم المتقون " وجاء في آخرها: " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير ".
وقد كان سياق الآيات الاولى بيان عظم القرآن، وأنه هداية للنفوس الخيرة التي لم تطمس اشراقها القلبي ظلمة المادة، ولا عصبية الجنسية، ولا غلظة الاكباد أمام حاجة المحتاج من بني الإنسان، وأن هؤلاء هم الذين ينتفعون بهداية الكتاب، لا غيرهم ممن غشيتهم ظلمة المادة فقصروا إدراكهم على ما يحسون، وقصروا اتجاهاتهم على ما تركه الاباء والاجداد فلم يعرفوا الا ما عرفوا، وتحجرت قلوبهم فلم تتأثر امام حاجة المحتاجين، ولم تقم فيهم بحق الشكر على ما رزقهم الله، وكان سياق الاية الوسطى قرع اسماع المختلفين فيما لا يعود عليهم بخير ولا يفضي بهم إلى نفع، بحقيقة البر التي يجب ان يلتزموها، ويسلكوا سبيلها، ويطهروا أنفسهم عما سواها، لا فرق في ذلك بين يهودي أو نصراني أو مسلم، تلك الحقيقة التي لا ترتبط بشئ من المظاهر والصور والاشكال، وانما ترتبط بالواقع الصحيح،