/ صفحه 355/
نقل حقيقة مذهبهم، وعدم ثبوته حق الثبوت، لا لأنه لا يقلد، ولذلك قال ابن عبد السلام ان تحقق ثبوت مذهب عن واحد منهم جاز تقليده وفاقا وإلا فلا، وإذا صح عن بعض الصحابة حكم لم يجز مخالفته الا بدليل أوضح من دليله، ومعلوم أنه لا يشترط أن يكون للمجتهد مذهب مدون، وأنه لا يلزم أحدا أن يتمذهب بمذهب أحد الائمة بحيث يأخذ أقواله كلها ويدع اقول غيره انتهى بتصرف.
وفي مسلم الثبوت وشرحه بعد أن نقل ما في التحرير وشرحه من إجماع المحققين ورأى ابن الصلاح:
قال القرافي: انعقد الاجماع على أن من أسلم فله أن يقلد من شاء من العلماء من غير حجر، وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على أن من استفتى أبابكر وعمر أميري المؤمنين فله أن يستفتي أبا هريرة ومعاذ بن جبل وغيرهما، فمن ادعى رفع هذين الاجماعين فعليه البيان، وقد بطل بهذين الاجماعين قول الإمام (يريد بذلك قوله إن المحققين أجمعوا على منع تقليد أعيان الصحابة).
وقوله أجمع المحققون ليس معناه الاجماع الذي هو حجة حتى يقال أن اجماعهم عارض الاجماعين السابقين. وفي كلام الإمام خلل آخر: لأن التبويب والتهذيب والتفصيل، لا دخل له في التقليد، فإن المقلد ان فهم راد الصحابي عمل به وإلا سأل مجتهداً آخر، وبهذا بطل قول ابن الصلاح ايضاً. وفي كلامه خلل آخر: إذ المجتهدون الاخرون أيضا بذلوا جهدهم مثل بذل الائمة الاربعة، وإنكار هذا مكابرة وسوء أدب، والحق أنه إنما منع من تقليد غيرهم لأنه لم تبق رواية مذهبهم محفوظة حتى لو وجدت رواية صحيحة من مجتهد آخر يجوز العمل بها، ألا ترى أن المتأخرين أفتوا بالتحليف للشهود إقامة له مقام التزكية عل مذهب ابن أبي ليلي ؟
أطلنا في بيان النصوص في هذه المسألة لنجلي الحق فيها، ولنبرهن على صحة ما قلناه في مذكرة المشروع من خطأ القول بعدم جواز تقليد غير الأئمة الاربعة،