/ صفحه 366/
بهذه الآيات الكريمة، وبما صح من أحاديث الاضحية، تقرر في الإسلام أن إراقة الدم نوع من أنواع القربى إلى الله، وان هذه القربة لا تقوم الا بذبح الحيوان وإراقة دمه، وأن التصدق بثمنه لا يغني ولا يقع عند الله موقع القبول في القيام بهذا المطلوب.
وقد تضمنت الآيات الكريمة النص على الهدي تارة على سبيل التعيين دون أن يكون له بدل، وتارة على سبيل التعيين مع الالتجاء إلى البدل عند العجز عن الهدي، وثالثة على سبيل التخيير بينه وبين غيره.
كما تضمنت أن مكان الذبح فيما وجب ذبحه هو الحرم " حتى يبلغ الهدي محله " " ثم محلها إلى البيت العتيق " " هديا بالغ الكعبة "، وكذلك تضمنت اعتبار البدن والذبائح في هذه الاماكن من شعائر الله التي تجب المحافظة عليها، ولا يصح التهاون فيها أو إغاها، وحسبنا " لا تحلوا شعائر الله " والشعائر هي العلامات الواضحة الظاهرة التي اعتبرها الدين مظهرا من المظاهر العامة، وهذا لا يتحقق الا بعمل ظاهر يراه الناس في مناسبات خاصة، وإذا أردت زيادة في الايضاح، فانظر إلى موقف الشريعة من الأذان، إذ اعتبرته شعيرة من شعائر الدين، يقاتَل أهل القرية أو المدينة على تركها وإن لم تكن من الفرائض.
ألا وإن للشعائر في نظر الإسلام مكانة الفروض المقدسة، وعلى هذا اتفقت كلمة الفقهاء في ذبائح الحج، ولم نرد لواحد منهم خلافا في ذلك، ونزلا على حكم هذه الآيات الصريحة الواضحة، وتحقيقاً للغرض المقصود، وهو التقرب إلى الله بإراقة الدم، ولله سبحانه وتعالى أن يتعبد عباده بما يشاء: بما يدركون حكمته، وبما لا يدركون، وما كان اختلاف الفرائض في عدد الركعات والكيفيات وتحديد الأوقات، واختلاف مقادير الزكاة، والكفارات، وسائر ما دخله العد، أو اعتبرت فيه الكيفية الا نوعا من هذا التعبد الذي يتجلى فيه بوضوح مقتضى العبودية الحقة، وهو الامتثال لأمر الرب الحكيم، عُقل معناه أو لم يعقل والعلماء يذكرون في هذا المقام أن هذه القربة تذكر بحادثة الفداء الذي حصل لابراهيم