/ صفحه 378/
في كل الآراء الذاتية التي لا تخضع الا إلى الاستعداد الشخصي وحده. ولو استقامت أمور المسلمين الدينية لما حادوا عن موقف الإمام مالك: التسليم المطلق " الاستواء معلوم، والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة ".
آراء ذاتية داخل الإطار العام، آراء هي من صنع البشر، آراء تتحد في نسبتها ـ من حيث القرب والبعد ـ إلى النصوص المقدسة. إنها آراء. بيد أنها آراء غير مفهومة، وكل من عالج، في إخلاص، تصور صفات خارجة عن الذات، أو تصور صفات هي الذات، فإنه يقر معنا أن ذلك إنما علمه عند ربي.
الطريق الاقوم إذا هو التسليم المطلق. وهذا هو الإيمان بمعناه الصحيح ولكن ذلك ليس معرفة. تلك هي النتيجة التي نريد من كل ما سبق الوصول اليها، وإذا اردنا أن نلخص ما نريد أن ننتهي إليه قلنا:
1 ـ الحسن عاجز عن الوصول بنا إلى المغيبات فإننا لا نحسها.
2 ـ العقل: وهو مبنى على الحس ـ قاصر كذلك.
3 ـ النصوص الدينية لا تؤدي بنا إلا إلى نوع من المعرفة غير المباشرة، أو إلى التسليم، أو التفويض، وليس ذلك من المعرفة المباشرة في شئ.
وإذا فعلم الكلام ليس بدعة فحسب، وإنما هو ضلالة وهو عبث وهو انحراف عن السبيل السواء.
قد تبدو هذه الاراء جديدة أو خارجة عن الطريق السوي، وكلنها مع ذلك تتفق تمام الاتفاق مع ما يراه حجة الإسلام الغزالي في كتابه " المنقذ من الضلال " ومع ما يراه الإمام المحاسبي في مقدمة كتابه " الوصايا " ومع ما يراه غيرهما من أئمة العارفين بالله، ولنا فيهم أسوة حسنة.
هل معنى ذلك ان المعرفة فيما يتلعق بالالهيات غير ممكنة ؟ هل معنى ذلك ان الغطاء لا يمكن أن يكشف عن الحجب ؟ وانه لا سبيل إلى المعرفة الحقيقية المباشرة ؟ ذلك ما لا نقول به. ما السبيل إذاً إلى المعرفة ؟ ذلك ما سيحدثنا عنه العالم الجليل الأستاذ المستهدي في العدد القادم ان شاء الله.