/ صفحه 380/
شرف من الأرض أو منحدر بنداء صادر من الأعماق تخشع له القلوب، وتدمع منه العيون: لبيك إللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، فاللهم أكرم وفادتهم، وأحسن مثواهم، وأغدق عليهم من سحائب فضلك ورضوانك ما تشرح به صدورهم، وتغفر به ذنوبهم، وأرددهم إلى اوطانهم وأهليهم سالمين. ربنا إنهم زوارك، وعمار بيتك، وإنك لانت الكريم الرحيم.
بعد هذا الدعاء الذي اتوجه به إلى الله، والذي أعم به جميع اخواننا المسلمين في البلاد المقدسة أو على أبوابها، أقول:
لا نعرف عبادة من العبادات عنى بها القرآن الكريم على وجه التفصيل، وبينها بنصوصه أكمل بيان، وعرض لكل ما يلابسها أو يتصل بها من أحكام وشعائر، وأبرزها في صورة رائعة تملأ النفوس، وتهز القلوب، وتشعر المؤمنين بعظمة الله، ونعمة الله، كعبادة الحج:
أنبأنا الله تعالى: ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين، وأنبأنا انه اختار لبناء هذا البيت نبيا كريما هو خليله ابراهيم الذي جاهد الشرك وحطم الاوثان، وهاجر إلى ربه في واد غير ذي زرع، وأنبأنا بأنه هو الذي بوّأ لابراهيم مكان هذا البيت، أي هيأ له موضعه بإرشاد منه ووحي، وعين له سمته، وهداه اليه، ثم عهد في بنائه ورفع قواعده إلى هذا النبي الكريم وابنه اسماعيل وصور لنا موقفهما الرائع، موقف شيخ كبير، وابن له فتى صغير، يرفعان القواعد، ويبتهلان إلى الله في حرارة الايمان، وقوة اليقين، راجيين القبول، مفكرين في أمر الأمة حاضرها ومستقبلا، حريصين على هداها وتوفيقها " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت واسماعيل: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم. ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك أنت العزيز الحكيم " وأنبأنا جل شأنه أنه جعل