/ صفحه 381/
هذا البيت مثابة للناس وأمنا، لا يجوز فيه قتال. ولا يجوز من حوله قتال، فمكن لهم بذلك حرما آمنا في بلاد مضطربة لا ضابط لشئونها، والناس من حوله يتخطفون كما يتخطف الطير، وأنبأنا أنه أكرم جيرانه، فجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم، ورزقهم من الطيبات، وجبى إليهم ثمرات كل شئ، وأنبأنا أنه أكرم رسوله حين استجاب له وهو يقلب وجهه في السمء، فولاه قبلة يرضاها هي هذا المسجد الحرام، ثم جعل شعائره شعائر الله، ففرض على الناس تعظيمها وحرم عليهم انتهاكها، وإرادة الالحاد أو الظلم فيها، وأوجب حجه على كل مستطيع، وجعل ذلك حقا " لله " على الناس من استطاع إليه سبيلا، وأشعر بأن رفضه أو التكاسل عنه لغير عذر كفر وجحود " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين "، وجعل هذا الحج في أشهر معلومات " فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج "، وعرض لتفاصيل أحكامة، فذكر الطواف والسعي، وامر من أحصر بما استيسر من الهدي، ونهى عن حلق الرؤس قبل أن يبلغ الهدى محله، وجعل لمن كان مريضا أو به اذى من راسه فدية من صيام أو صدقة أو نسك، وأوجب على من أمن وكان متمتعا بالعمرة إلى الحج ان يقدم هديا، فإن لم يستطيع فصيام أيام بعضها في الحج وبضها إذا رجع ان كان من غير حاضري المسجد الحرام، وأمر الحجيج إذا افاضوا من عرفات أن يذكروا اسم الله عند المشعر الحرام، وأن يذكروه كما هداهم، وأن يفيضوا من حيث أفاض الناس، وأن يذكروا الله في أيام معدودات، وجعل البدن التي تذبح فيه من شعائر الله، ولفت إلى ما فيها للناس من خير ومنافع، وأمر بإطعام القانع منها والمعتر، وأمر بعد تمام النسك بقضاء التفث، ووفاء النذر، والطواف البيت العتيق، إلى غير ذلك من أفعاله وتفاصيل أحكامه.
ما هو السر في عناية القرآن الكريم بتلك الفريضة على هذا النحو ؟ وهل الحج الا ركن من أركان الإسلام كسائر أركانه الخمسة التي ذكرت في الحديث