/ صفحه 420/
الصفوف وتوحيد الكلمة، فهذا كتاب الله الكريم " إنما المؤمنون إخوة " وتلك السنة النبوية تقول " المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً " وبعد ذلك، انذارهما الشديد وتحذيرهما من اختلاف الكلمة، وكلمة الاختلاف. فهذا الكتاب الكريم يقول " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " وتلك السنة النبوية تقول " لا لفينكم بعدي مرتدين على أعقابكم يضرب بعضكم رقاب بعض " وما للأمة الإسلامية والخلاف والاختلاف، ودينها واحد ونبيها واحد، وكتابها واحد، وقبلتها واحدة، وهي واحدة متحدة في جميع الطقوس والنواميس، وما هذه الفرق والفروق إلا بقايا عهود الجاهلية البائدة، فقد كان ـ ولا يزال اليوم ـ للعنصريات والقبليات، والقوميات، أثرها البليغ على تلك النفوس، وهنا لك قصتان هما قليل من كثير، وهما أوضح مثال لمبلغ ما بلغت إليه تلك العنعنات: روي أن أحد العرب من بني ربيعة لما ادعى مسيلمة الكذاب النبوة آمن به ولم يؤمن بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) فقيل له في ذلك، فقال إنني أعلم أن نبي ربيعة كاذب، ونبي مصر صادق، ولكن كاذب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر. وروي أيضا، أنه رؤي رجل في البيت الحرام يدعو لابيه، فقيل له: هلا دعوت لأمك ؟ فقال لا. إنها تميمية ! فمن هذا وذاك، تعرف كيف كان لهذه العنعنات الفارغة أثرها البليغ، وقد حاربها النبي (صلى الله عليه وسلم) بكل قواه فذهبت ذهاب أمس الدابر وأصبحت في حديث كان، وقد جهر (صلى الله عليه وسلم) بقوله " من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا " فكان لزاما علينا الإيمان بهذه التعاليم ان كنا مؤمنين بالمعنى الصحيح.