/ صفحه 5 /
تقديم:
المسلمون أمة واحدة
لحضرة صاحب السعادة محمد علي علوبه باشا
رئيس جماعة التقريب
قامت (جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية) تلبية لنداء قوى ألقى في روع المؤمنين ذوى الغيرة على الدين، والحرص على هذه الأمة الإسلامية، ولو أن رجال العلم والرأي لم يلبوا هذا النداء، ولم يسارعوا إلى تكوين هذه الجماعة لكانوا مقصرين في حق أمتهم، مسؤولين عن هذا التقصير أمام ربهم في يوم عسير يؤخذ فيه بالنواصي والأقدام.
لقد جاء محمد (صلى الله عليه وسلم) بهذا الدين رسولا إلى الناس جميعاً، وكان من أبرز مبادئه التسوية بين جميع الشعوب، وعدم الاعتراف بالفروق التي ألف الناس أن يعترفوا بها، ويتعاملوا على أساسها، وكانت بعثته (صلى الله عليه وسلم) في وقت بلغت فيه العصبيات أوجها، فكانت كل أمة تعتز بنفسها، وتعتد بما عندها، وتعتبر جنسها هو خير الأجناس، وكان العرب أنفسهم منقسمين قبائل وأفخاذاً وبطوناً، وكل قبيلة تعتقد أنها خير القبائل، وتحتفظ بأنسابها، ولا تختلط بغيرها، حتى كان منهم قبائل لا تُصهر إلى غيرها، ولا يصهر غيرها إليها، وسمّوا أنفسهم (بالجَمَرات) تشبيها بالنار التي تتقى، ولا يجرؤ أحد على مسها، فلما جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هدم ذلك كله، ونادى فيهم بقول ربه (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ثم كان تصرفه (صلى الله عليه وسلم) في سياسة المؤمنين مبنياً على هذا المبدأ السامي: مبدأ إهدار العصبيات، وهدم عوامل التفرق والتقاطع حتى ألف الله به بين جميع القلوب وبنى من هذه اللبنات المفككة صرحاً قوياً