/ صفحه 61 /
من المادة، وقد اعتقدت في مقالي أنه عند تحقيق القنبلة الذرية لابد أن يكون هناك تسلل من جسيم صغير أسماه العلماء (النترون) إلى النواة، فتسبب عن دخوله خروج طاقة عظيمة من المادة على نحو لم يعهده البشر.
والحق أني عند ما أعيد مطالعة مقالي المتقدم أشعر بما للمعرفة الصحيحة، وطول المطالعة من أثر في التعرف ما أمكن على ما نجهله، ففي سنة 1945 م لم أكن قد طالعت بعد نشرة (أوتوهان) الألماني، صاحب انفلاق نواة الذرية، والتي نشرت في يناير سنة 1939، ولم أكن قد طالعت ما تبعها من بحوث قيّمة نشرت خلال الحرب، بل كان آخر ما طالعته في هذا الشأن كتباً علمية صدرت للعالم.
(لويس دي بروي) ولشقيقه (موريس دي بروي) العالم المعروف ولغيرهما، بمعنى أن معارفي وقفت عند سنة 1938.
وتطورت الدنيا في أوروبا ونحن في غفلة من الزمن، وجاءت الشهور التي سبقت الحرب شهوراً خصبة للعلم والمعرفة، خطرة على الإنسان والمستقبل، وإذا أعمال خالدة (لأوتوهان) عن انفلاق نواة الذرة، وإذا أخرى خالدة (لا يرين كوري كريمة مدام كوري) عن التعرف على متطوعة جدد من بين سجسميات المادة لإحداث عمليات انفلاق أخرى لا دخل لعمل الإنسان فيها تحدث من تلقاء ذاتها على أثر حدوث أول انفلاق وهو ما يسمونه اليوم بالسلسلة، وهو ما سأحاول أن أشرحه في هذا المقال.
واليوم ونحن في مستهل عام 1949. تطلب إليّ مجلة (رسالة الإسلام) أن أكتب مقالا عن مستقبل البشر بعد انفلاق نواة الذرة.
ولئن سعدت في الحالين فلأن رجال الأدب ورجال الإسلام قد شعروا معاً بتقدم العلوم، وما سيكون لهذا التقدم من أثر على حياتنا الحاضرة والمستقبلة، وأنهم يودون مخلصين أن يتعرفوا ويتعرف قراؤهم من سطور المشتغلين بالعلوم حقيقة هذا الكون، ويتبينوا علاقته بالإنسان.