/ صفحه 84 /
من الأدب الغربي
مولد عبقرية
للأستاذ الأديب مصطفى طه حبيب
السكرتير الفني لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر
منذ أربعة قرون تنفس صبح الحياة في بلدة من بلاد الريف الإنجليزي عن مولد فتى لأسرة تجري في الحياة جريان الأسر التي لا تنتمي إلى عراقة أصل يوفر لها من أسباب النعيم الموروث ما يدفعها في خضم الحياة ثابتة القدم، نائية عن التكفير في مر أو حلو، فالحياة لديها راتبة النعيم، دانية القطوف، ميالة الأعطاف، لا تدعو إلى جد، ولا تستثير همة، ولا هي من الأسر المعروفة المكدودة، التي لا تعرف من الحياة الا الشظف في العيش، والخشونة في المظهر، والرقة في الحال بل كانت أسرة متوسطة كثيرة الأولاد، فلم يكن وليدها الجديد محل حفاوة ولا موضع اعتبار، بل مر عابراً أو أقل من العابر كما تمر ملايين المواليد في كل يوم، وفي كل جيل، وماذا يهم الناس من مولد غلام لرجل متوسط الحال أو لرجل غني دهمته الأحداث وعفّت على ثروته ومجده خطوب الزمن التي لا ترحم.
هذا الغلام الذي ولد في غير ضجة، ولم تحط مولده مراسم، ولا سبقته علامات أو إرهاصات، أضحى اسمه في فم الزمن عنواناً على المجد الخالد والعبقرية الفذة، هذا الغلام هو وليم شكسبير، شاعر الكون، وسيد من كتب للمسرح على طول الزمن.
ولد وليم شكسبير في الثالث والعشرين من شهر أبريل سنة 1564 م في قرية استراتفورد على نهر الافون من قرى الريف الإنجليزي الجميل، فتفحت عينه على