/ صفحه 165/
هبط بدخل دول المعسكرين، وزلزل مراكزها، وطوح بهيبتها، وجعلها تخطب ودنا وتشتري صادقتنا، وتمنحنا استقلالنا وتحترمه، وهي التي تسلطت علينا تسلط الشياطين على النفوس الضعيفة، وعشنا طويلاً على الخوف منها، والحاجة إلى إرضائها في كل صغيرة وكبيرة.
إن إحدى الكتلتين تشجع اليوم ـ ولو لأغراض سياسية ـ الحركة الدينية، وهو ما لم يكن من قبل؛ فلماذا لا نسارع إلى إدخال الدين في كل معهد، وفرضه على كل فرد، وجعله أساس الحكم في كل بلد إسلامي، لنتحصن به ضد كل عدو، ونقوى به على كل مشكلة، ونتخلص بفضله من دعاة الالحاد والتفرقة إلى الأبد، ونخلق به جيلاً سليماً قوياً ؛ ولماذا لا نركز ـ في هذه الفرصة ـ روح الإسلام في النفوس والبلاد، حتى لا تزلزله الحوادث، ولا تعطله يد قوية أو دكتاتور ظالم لو أرادت السياسة ذلك فيما بعد.
إن المسلم إذا رضى أن يكون نصيبه في الحياة ألا يعترضه القوى في إقامة صلواته وشعائره، أو يكون غاية مرامه بناء مسجد في حيه، أو التمتع بالحرية في لباسه أو ترضيه المجاملات، ومثل هذا اللون من الاستقلال الموهوب، دون ان يهيء نفسه لاحتمال تكاليف الحرية والاستقلال، أقول بصراحة ـ ولنا أن نكون صرحاء مع الإخوة ـ إنه لم يحصل على شيء، يمكن أن تسلب بسهولة حين تصفي الكتلتان المشاكل بينهما، أو تقضي الحرب المقبلة على إحداهما وتبقى الأخرى بغير منافس.
هذه ـ لا شك ـ فرصة أتيحت لنا بغير جهد، لو ننتهزها لأمكن أن نستغل لمصلحتنا اضطراب الكتلتين أكبر استغلال.
أما في الميدان الأخلاقي : فعلى أثر الحربين العالميتين الماضيتين ـ ولا سيما الأخيرة ـ انهارت المبادئ الأخلاقية، وانتشر الفقر وعمت الفوضى، بسبب كثرة القتل، ودمار البلاد، وهدم البيوت، واختلاط الغالب بالمغلوب،