/ صفحه 297/
الشعْر والشعَراء
بَيَن الْأمَسْ والْيوم
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الجوار رمضان.
المدرس في كلية اللغة العربية
يقرر النقاد المعاصرون: أن الشعر العربى قد وقف بعد شوقى وحافظ وأضرابهما، رحم الله الجميع؛ ويعللون هذا الوقوف، بعدم تزاوج الثقافتين: الغربية التي غزت الشرق، واستجابت لها المدارس المدنية؛ والشرقية التي تستبد بآفاق المدرسة الدينية والعربية؛ تزاوجاً يولّد أدباً فيه سمات الشرق، وشمائل الغرب؛ لما في طبيعة الثقافة الغربية من النظر أبداً إلى الأمام، وما في طبيعة الثقافة الشرقية من النظر دائماً إلى الخلف؛ ولعدم الوحدة المدرسية التي تقرب بين الثقافتين تقريباً يؤاخى بين المذهبين، ويؤلف بين الذوقين؛ ولعل اسقاط الشعر من المباراة الأدبيه لمجمع فؤاد الأول للغة العربية في العام الفارط، أثر من آثار هذا الرأي.
ولست أرى أن الشعر قد وقف، فما يزال بين بنى العروبة، في مواطنهم، وفى مهاجرهم، شعراء لا يُدفعون عن حياض الشعر، يجيدون أحيانا، ويسفُّون أحيانا؛ ويتباعدون في المذاهب والأساليب ويتقاربون، والموهبة الشعرية لاتتقيد بزمان ولا بمكان؛ ولعل الأدنى إلى الصواب أن الذي انقضى إنما هو عهد فحول الشعراء؛ مضى الموت بكثرتهم الغامرة، وأصفَى أو أجبل من بقى منهم في الحياة إلى اليوم (1) لا في مصر وحدها، بل في مختلف

ـــــــــــ
(1) أصفى الشاعر: انقطع شعره، ولم يقل شعراً. وأجبل: صعب عليه القول كأنه انتهى إلى جبل منه.