/ صفحه 44/
وحدة المسلمين
لحضرة صالحب الفضيلة الأستاذ الشيخ على الخفيف
أستاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول(*)
لقد ألف الإسلام حين ظهر بين قلوب من اتبعوه واتخذموه دينالهم، فجعل منهم جماعة متالفة بعضهم بعضا وينصره ويؤازره، حتى كان لهم من ذلك يوم ظهروا بمكة وهم قلة مستضعفة، منعة حفظتهم من شرور أعدائهم وقوة أظهرتهم وردت عنهم كيد خصمائهم، ولو لا ذلك لقضي عليهم في مهدهم وانتهي أمرهم في أول عهدهم.
ثم بدا ذلك التآلف بينهم بعد هنجرتهم إلى المدينة المنورة أجلي مظهرا وأوسع مجالا وأبعد أثرا، وأشد قوة، بما عقد بين المهاجرين والأنصار من الأخوة والولاء والمعاونة في السراء والضراء ومالمشاركة في الأموال واملناصرة في القتال، والتعارون على النهوض والظهور والعمل لنشر دعوة الإسلام، والوصول إلى ذلك الغرض السامي الذي دعاهم إليه دينهم الجديد، وهداهم إلى صراطه رسولهم الصادق الآمين.
وطبيعي أن يؤلف الإسلام بين أتباعه فيجعل منهم أمة قوية متحدة متماسكة إذا ما تمكن من قلوبهم واستولي على مشاعره وسيطر على أفكاره، وذلك بسبب مايدعوهم إليه من وحدة الفكرة وسمو الغرض، والسعي إلى تحقيق الغاية المنشودة التي لأجلها جاء ولتحقيقها شرع، وما لهذا الدين من الأثر البالغ في العواطف والمشاعر والأفكار.