/ صفحه 68/
ناشئا عن القرائن المقالية أو الحالية، وقد يكون سببه كثرة استعمال اللفظ في بعض أفراد الكلي الذي وضع له أولاد كالدابة فانها لكل ما دب من الحيوان ثم غلب على ما يركب ويحمَّل.
وظهور الكلام في معناه هو الطريق الصحيح لمعرفة مرادات المتكلمين، والحجة لهم وعليهم، فاذا قال السيد ـ مثلا ـ لخادمه اشتر لنا لحما ولم يتبين نوع اللحم فعاد الخادم من دون لحم لأنه يجد لحم ضأن فلا يحق للسيد لومه وتوبيخه لأنه لم يأته بدجاجة أو إوزة، كما لا يحق للخادم أن يشتري دجاجة أو إوزة، محتاجا بأن الدجاجة لحم، فغير الضأن يحتاج إلى زيادة لي البيان، وحيث لم يبين فقد أراد السيد الضأن خاصة، لأنه المفهوم من الكلام دون سواه، والمفهوم من وجوب الهدى أنه الذي تعورف بين الناس إمكان الأكل والإطعام منه، فلسان الدليل الذي دل على وجوبه كلسان قولك: ضح، فإن الناس تفهم من هذا الخطاب وجوب الأضحية حيث يمكن الأكل والإطعام، أما التعبد بإراقة الدماء على كل حال فبعيد عن الأذهان تحتاج إرادته إلى زيادة في البيان، ولهذا يتساءل الناس مستغريين! هل أراد الشارع الهدى في حال ضياع لحمه وطمره في بطن الأرض؟ والحقيقة أن الشارع لم يرد ذلك ولو أراد لبين في قول أو فعل أو تقرير بل إن قوله تعالى: "فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير" هو تفسير لمطلوبه، وأنه أراد الهدى حيث يمكن الانتفاع به، فيجري مجري قول السيد لخادمه موضحا اشتر لحم غنم، ومجرد صدق اسم الهدى على الحالة المفروضة لا يثبت حكم الشرع، لأن الاستعمال أعم من الظهور الكاشف عن المراد، والعام لا يثبت به الخاص، ولو أصر إناسن على أن وجوب الهدى في الآيات والروايات يشمل صورة عدم الانتفاع باللحم للزم حتى مع وجود المندوحة وإمكان الانتفاع، ولا قائل بذاك من الأولين والآخرين.
ولا شيء مما قدمته بين يدي القاريء، يشعر بالاجتهاد الذي يفتح باب الشي والفساد، وإنما هو تفسير للنص، تقتضيه الصناعة السلمية، وأصول المخاطبات.