/ صفحة 135 /
وإنما جمعها التآلف وابتغاء الخير والسلم والإصلاح بين الناس، تحقيقاً لأمر الله عز وجل إذ يقول: (يأيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون) وإذ يقول (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما).
"*"
أني لأبعث إليكم بهذه الكلمة راجياً لكم ـ باسم الجامعة الأزهرية العتيقة ذات التاريخ المجيد في خدمة العلم والدين ـ كل توفيق ونجاح، فإن غايتكم من أشرف الغايات، وإن في نجاح دعوتكم لنجاحاً لدعوة السلام والتفاهم، وبرهانا ساطعاً لعي أن القلوب إذا تكاشفت تعارفت، وإذا تعارفت تآلفت.
أسأل الله أن يهيء لكم من أمركم رشدا، وإن يهديكم سيل الحق والصلاح، وأن يحقق فيكم آمال إخوانكم المؤمنين الذين تهوي إليكم أفئدتهم في مشارق الأرض ومغاربها، إنه سميع الدعاء لطيف لما يشاء.
* * *
لقد بعث الله رسوله محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وجعل رسالته عامة خالدة موجهة إلى الناس أجمعين في كل زمان ومكان، فليست خاصة بشعب دون شعب، ولا بعصر دون عصر، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).(وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
وقد ورث المسلمون هذه الدعوة عن رسولهم الكريم، لا ليحتفظوا بها لأنفسهم، وضنوا بهديها ونورها على من سواهم، ولكن ليكونوا خلفاء عليها، وأمناء على بثها وإظهار نورها، وإصلاح شأن العالم بها، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون). (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف