/ صفحة 194 /
وهذا ما تتميز به الدولة الهاشمية الزيدية منذ أسسها الهادي إلى الحق، الإمام العالم المجاهد السياسي المفكر المصلح،، يحيى بن الحسين (عليه السلام).
* * *
جمع هذا الإمام العظيم بين ناحيتي السيادة والعظمة، فكان في العلم والفقه والدين أمة، وكان في الرأي والسياسة والدهاء أمة، ولا عجب فإنه فرع زكي من فروع تلك الدوحة العلوية المباركة التي أثمرت وما تزال ولن تزال إن شاء الله تعالى تثمر أطيب الثمرات، وينتمي إليها أقوى الغصون والفروع.
هو الإمام يحيى بن الحسين بن القاسم بن ابراهيم بن اسماعيل بن الحسن بن الحسن ابن على بن أبي طالب، كان مولده بالمدينة المنورة في سنة 245هـ، وكانت وفاته سنة 298هـ، فعاش حياته في النصف الثاني من القرن الثالث، وهي فترة ازدهار البلاد الإسلامية بالعلم والفكر والتأليف والتصنيف، كما أنها فترة احتراب المذاهب المختلفة من سياسية وفكرية.
كان يعيش فيها من العلماء أمثال محمد بن اسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج ومحمد بن يزيد بن ماجه، وأبي داود السجستاني، ومحمد بن عيسى الترمذي، أصحاب السنن، وأحمد بن سيار، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري الفقيه المالكي، وداود بن على إمام أهل الظاهر، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينَورَي صاحب المصنفات البديعة، وجعفر بن محمد البلخي أستاذ عصره في صناعة التنجيم، وصاحب التصانيف المشهورة فيه، كالمدخل والزيج والألوف وغيرها، وأبي عبد الرحمن الأندلسي الحافظ الكبير، وبقى بن مخلد صاحب المسند المبوب على الفقه الذي فضله ابن حزم على مسند الإمام أحمد بن حنبل، والربيع المرادي صاحب الشافعي، والبلاذري المؤرخ المشهور، وسيبوية أستاذ النحاة، والمبرد أمام اللغة العربية وصاحب الكامل، وابراهيم بن عبد الله بن مسلم الكجي، الشيخ المعمر الذي يروي المؤرخون أن مجلسه كان يحضره خمسون ألفاً ممن معه محبرة، سوى النظارة (أي الذين ينظرون ولا يكتبون) وأنه كان يستملى عليه سبعة مستملين متفرقين في المواضع كلٌّ يبلغ صاحبه.