/ صفحة 203 /
ثابتة الأصول، تتجلى ممن حولهم في فني العمارة والنحت؛ هذا فضلا عن أنه أعوزت الفن الإسلامي الدوافع التي خلقت فناً مسيحياً قبيل عصر النهضة مثلا، فإذا كان للإسلام أثر قوي في الجهود الفنية وقتذاك، فإن هذا الأثر لم تؤيده نصوص مدونة فيما هو لدنيا من مصادر تاريخية ترجع إلى بداية العصور الوسطى.
على إن العرب ـ رغم قصورهم الثقافي حينذاك ـ خلقوا في جميع أنحاء إمبراطوريتهم، شعوراً دينياً عميقا، وحماسة دافقة، ورغبة قوية في الأمن والسلام، وهذا هو ما حرمته المسيحية، وهو نفسه من ألزم اللزوميات لنهضة الفنون وازدهارها.
ومن المفتريات، ادعاء بعض المؤرخين، أن جهل العرب وافتقارهم لأنواع الفنون والفنانين، دفعهم إلى تخريب ما صادفهم من آثار جميلة أثناء فتوحاتهم. ويبدوان هؤلاء المؤرخين يجهلون أن ما خرب من الآثار الأخَمِينية مما أبدع في عهد كورش ودارا واجزر كسيس، وما تلف من الآثار الفنية الرائعة، مما تخلف عن العصر الساساني، إنّما حدث على يد جنكيزخان وتيمور ومن خلف خلفهما، وليس على يد العرب كما يدعي البعض.
وفي سنة 641 ميلادية، وقبل أن يمضي على وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تسع سنين، غزا العرب بلاد فارس ووضعوا أيديهم على أصول الحضارة الساسانية وفنونها، وغدت هذه الحضارة مصدراً هاماً من مصادر الفن الإسلامي؛ فلوان تلك الحضارة أصيبت منهم بسوء لاتجه الفن الإسلامي وجهة غير التي يتجه إليها حتى العصر الحاضر.
أدهش العرب ما وجدوا في البلاد الفارسية من ألوان الحياة الرغيدة، والنعمة في العيش، ومن أنواع الفنون والطعوم، على أنهم أدركوا حاجتهم للتقاليد والثقافة إدراكهم لحاجات إمبراطوريتهم العظمية، فلم يحاولوا فرض وسائلهم البدائية على الشعوب المغلوبة، بل أقاموا أنفسهم رعاة للفنون والآداب أينما ذهبوا، وعلموا ـ منذ استقرارهم بفتوحهم ـ على تغذية الفن والأدب بما يتفق وحاجات الإسلام.
ومن الغريب أنه برغم حب العرب للجَمال، لم يظهر من بينهم كثير أو قليل من أهل الفنون. والواقع أن الفن الإسلامي يدين بوجوده إلى أناس من مختلف