/ صفحة 293 /
لاتختلف عن كلام أهل التحقيق من أساطين العلم وزعماه البيان في حقيقة الاعجاز، حتى لقد اشتهر قولهم: "القول بالصدفة كالقول بالصرفة" وقد نسب إلى الشيخ الجليل العلامة "المفيد" القول بالصرفة على حد قول النظام وأتباعه من المتزلة في هذه المسألة، كما نسب ذلك إلى تلميذه علم الهدى السيد المرتضى، وسنأتى بما يبطل هذا الاحتمال المخالف لعقيدة الشيعة الامامية وأصولها.
يرى الشيعة الامامية كما يرى غيرهم من علماء المسلمين الأجلاء كون القرآن معجزاً خارقاً للعادة، والاستدلال به على صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما فيه من ضروب الاعجاز من الفصاحة المفرطة والنظم المخصوص، والأسلوب البديع، أوهو الأمر الخارق للعادة، المطابق للدعوى، المقرون بالتحدى، المتعذر على الخلق اتيان مثله، والتحدى بتشديد الدال بمعنى المباراة، وطلب الغالبية في الدعاوى. وجاء في تفسير العلامة المحقق الشيخ الطبرسى، وهو ثقة المفسرين الاسلاميين عند تفسيره آيات التحدى ما يأتى:
"قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولوكان بعضهم لبعض ظهيرا" معناه قل يا محمد لهؤلاه الكفار لئن اجتمعت الانس والجن متعاونين متعاضدين على أن يأتوا بمثل هذا القرآن في فصاحته وبلاغته ونظمه على الوجوه التي هو عليها من كونه في الطبقة العليا من البلاغة والدرجة القصوى من حسن النظم وجودة المعانى، وتهذيب العبارة، والخلومن التناقض، واللفظ المسخوط، والمعنى المدخول على حد يشكل على السامين ما بينهما من التفاوت لعجزوا عن ذلك ولم يأتوا بمثله "ولوكان بعضهم لبعض ظهيراً" وفي هذا تكذيب للنضر بن الحارث حين قال: لو نشاه لقلنا مثل هذا، قال أبو مسلم وفي هذا أيضاً دلالة على أن السؤال بالروج وقع عن القرآن لأنه من تمام ما أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يجيئهم به".
"أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين" معناه بل أيقولون اختلق القرآن واخترعه وأتى