/ صفحة 373/
الابتكار
لحضرة صاحب العزة الكاتب الكبير
الأستاذ الدكتور احمد أمين بك
* * *
الابتكار مصدر ابتكر الشيء، إذا اخترعه بعد أن لم يكن، وهو في الماديات كثير، كاختراع الراديو، واختراع التليفون، و((الثلاجة الكهربائية)) ونحو ذلك.
وهو يكون أيضاً في العلوم، فعلم الطبيعة والكيمياء والرياضيات اليوم غيره بالأمس. وهو غداً غيره اليوم، ويكون أيضاً في المعاني، فالشاعر الجيد من من ابتكر بخياله معاني جيدة لم يسبق إليها، وقد يوفق في ذلك إلى عدد محدود، وقد قالوا ان أبا تمام ابتكر نحو عشرين معنى جديدا، وهو بهذا مكثر. فان أبا الطيب المتنبى ابتكر نحو خمسة معان، وهكذا وهكذا.
ومما يعاب على الشرقيين أنهم أقل ابتكاراً من الغربيين، وأنهم أكثر تقليداً منهم، وذلك في أكثر فروع العلم والفن، ففي الأدب مثلا لا تزال موضوعاتهم هي المديح ونحوه من موضوعات الأدب الجاهلي، والأوزان لا تزال هي الأوزان التي جمعها الخليل بن أحمد، وحصرها في ستة عشر وزنا، والفقه هي الأوزان التي جمعها الخليل بن أحمد، وحصرها في ستة عشر وزنا، والفقه قد أقفل أصحابه باب الاجتهاد، والفلسفة هي فلسفة اليونان تقريبا، والآلات والأدوات التي نستعملها في بيوتنا هي المخترعات الأوربية، وقل أن نجد مخترعا جديداً.
والمصلحون إذا أتوا بجديد نكل بهم أشد تنكيل، وعذبوا اشد عذاب،