/ صفحة 396/
الاحتراف بالقيم
لحضرة الدكتور محمد البهى
أستاذ الفلسفة بكلية اللغة العربية
* * *
قيم الحياة هي المعاني الخالدة التي تقدر لذاتها في هذا الوجود الانساني، هي الحقائق التي لا تتغير بنظرة الإنسان الفرد أو بنظرة جملة من الافراد إليها، قومها العقل الانساني العام، وجعلها نهايات أو أهدافا تطلب، ولم يرها وسائل لنهايات أو أهداف أخرى: فالمعرفة، والدين، والوطنية، والسياسة أو فن الحكم … مثلا من قيم هذه الحياة، والوضع الصحيح ازاءها وازاء بقية القيم أن لا تستخدم لغايات شخصية، وأن يكون سعى الإنسان إليها سعياً مباشراً ينتهى عندها ويتركز فيها.
القيم أشبه بالمثل: من عرفها كما هي تصرف في سلوكه الشخصي بما يبعده عن أن يكون شخصاً تتحكم فيه ميلوه و((انيته)) الخاصة، وبدا كأنه الإنسان ((العام)) الذي لا تحده الفروق الفردية. بدا كأنه رسالة للانسانية كلها. وهو عندئذ في واقع أمره هذه الرسالة على حقيقتها، لأنه عرف القيم العامة في حيا ة الإنسان، ثم حملها، فيصدر عنها في أفعاله. والقيم لست أهواءً تتجدد وتتغير، وليست مقدمات يسلم بعضها للتالي بعده ونتعاقب الواحدة اثر الأخرى في سبيل لأمر ما. هي ـ كما سبق ـ النهايات والأهداف الأخيرة في وجود الإنسان. ولذا هي باقية ثابتة. ولذا كانت تمثل الأمر ((العام)) الذي تلتقى فيه مصالح الأفراد والأجيال والشعوب، وبالتالي يلتقى فيها اعتبار هذه الأفراد والأجيال والشعوب.