/ صفحة 5 /
ويعينها، ويعملان كلاهما على إصلاح العقول والقلوب، والتأليف بين الإخوة، تحقيقاً لقوله تعالى (إنّما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم، واتقوا الله لعلكم ترحمون).
* * *
لقد تولى مشيخة الأزهر الجليلة في مطلع هذا العام الهجري المبارك رجل عظيم بإيمانه، عظيم بعلمه، عظيم بخلقه، عظيم بأفكاره الإصلاحية، وليس من عادتنا أن نعني بالأشخاص أو نترجم للرجال من الأحياء، ولكننا نذكر الآن فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ عبد المجيد سليم، ومنزلته من جماعة التقريب هي منزلته، لأنه في نظر المسلمين قد أصبح في هذا الجيل رمزاً لفكرة، قبل أن يكون شخصاً يُتحدث عنه، كذلك ينظر إلى فضيلته المسلمون جميعاً، لا فرق بين سني وشيعي، فكلهم يعرفونه، وكلهم يرجونه.
إن الذين يتابعون شئون الأزهر، ويعرفون رجاله، ويرقبون تاريخه الحديث يعلمون أن فضيلة الأستاذ الأكبر رجل مؤمن بالله حق الإيمان، غيور على العلم والدين غيرة تشبه غيرة السلف الصالح من المؤمنين الأولين، وكأنما أراد الله أن يتولى فضيلته زعامة المنادين بالإصلاح قبل أن يتولى مكان القيادة العملية، والتوجيه الرسمي، فكان بيته قبلة، وقوله حجة، ورأيه منهاجا، لذلك استبشر الناس بمقدمه، ورجَوا للأزهر على عهد تقدما ونجاحا، واستقامة وصلاحا، وسيراً إلى غايته السامية بخطى واسعة، وتالله إنه لأهل لهذه الثقة، وموطن لذاك الرجاء.
إن أبرز صفة في الأزهر بين الجامعات والمعاهد التعليمية، أنه (اسلامي عالمي) وقد ثبتت له هذه الصفة من جانبين، أحدهما أنه يضم بين جوانحه أبناء المسلين من كل شعب، فترى فيه التركي والشامي والعراقي والهندي واليوغوسلافي والجاوي وغيرهم ممن يجلسون إلى جانب أخوانهم المصريين في حلقاته، ويزاملونهم في دراساته، والثاني أنه عريق في عصور الإسلام كلها، بدأ شيعياً ثم صار سنياً،