/ صفحة 73 /
منهج القيادة الرشيدة
لحضرة صاحب الفضيلة الدكتور محمود فياض
استاذ التاريخ الإسلامي بكلية أصول الدين بالأزهر
كل أمة حية لابد لها من موجه يوجهها إلى حياة حرة شريفة، تحفظ كيانها، وتضمن سعادة بينها، وإنا لنجد هذا الموجه في كل أمة من الكائنات غير الآدمية، نجده في النمل والنحل وغيرهما من خلق الله، فلأن يكون ذلك في الأمة الإنسانية أولى وأجدر.
وأول ما عرفت البشرية التوجيه والقيادة، عرفتهما عن طريق السماء، فقد اقتضت حكمة الله الحكيم الخبير، أن يبعث إلى البشر معلمين يوجهونهم إلى الخير والجمال، ويرشدونهم إلى أمثل سبل السعادة، ويقودونهم إلى تحقيق أهدافهم وفق ما رسم الله لهم.
ثم عرفت الإنسانية معلمين وقواداً غير الرسل والأنبياء، من العلماء والزعماء المصلحين من رجال الدين، أو ذوى الفكر، أو رجال السياسة، حاولوا السير بالإنسانية وفق نواميس العدالة التي قررتها رسالات الرسل، أو رفق ما اهتدوا إليه مما يسمى (قوانين العدالة الطبيعية) والي جانب هؤلاء القادة من العلماء والزعماء المصلحين، عرفت الإنسانية أيضاً قواداً مستبدين بها، متجبرين عليها، ليست لهم صفة الإرشاد والتوجيه والتعليم، فكانت قيادتهم قيادة غير رشيدة.