/ صفحة 147 /
الأقلام في الميزان
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الكبير
الشيخ محمد تقي القمي
السكرتير العام لجماعة التقريب
ليس الأمر أمر كتاب يؤلفه مؤلف فيحالفه التوفيق فيه أو يخالفه، ولا أمر جدال يدفع فيه قول بقول، ورأى برأي، ولا أمر طائفة من طوائف المسلمين ترى في هذا المؤلف غمزاً لها، وتعريضاً بها، ونكراناً لمفاخرها وما احتفظ به التاريخ الإسلامي من آثارها.
كلا، ولكن الأمر أجل من ذلك شأناً، وأكبر خطراً، وأدعى إلى التأمل والاهتمام.
إنه أمر هذه الأمة المسكينة التي لا تزال تصاب في صميمها بأيدي بعض أبنائها، وكلما التأم جرح منها نغر جرح فسالت دماء زكية ما كان لها أن تسيل.
إنه أمر أربعمائة مليون من النفوس البشرية يعيشون في ضعف وذلة، لا لأنهم أقل من غيرهم ذكاء أو قدرة على الأخذ بأسباب السيادة والعزة، من العلوم والصناعات وإعداد القوة، ولكن لأنهم تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات، وصاروا شعوباً متخاذلة يخاف كل منها صاحبه أكثر مما يخاف عدوه، فألهاهم ذلك عن أنفسهم، وعوفهم عن السير في طريقهم، وحملهم أثقالاً تنوء بها القوى، ولا يزال ينبت فيهم الفينة بعد الفينة من يمد النار بالحطب، بدل أن يطفئها بالماء.