/ صفحة 295 /
في سبيل التقريب
لفضيلة الدكتور محمد يوسف موسى
أستاذ بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول
كان مما قرأت في هذه الأيام، التي نكاد ننوء فيها بأعمال الامتحان وتكاليفها الثقال (كتاب الأموال) لأبي عبيد القاسم بن سلام المتوفى عام 224 هـ، وكتاب (دعائم الإسلام) للنعمان بن محمد قاضي قضاة الدولة الفاطمية بمصر وكبير دعاتها، وكان مما وقفني وقفة طويلة من الكتاب الأول هو النص (1):
(عن أبي عبيدة بن الجراح أن رجالاً من أهل البادية سألوه أن يرزقهم، فقال: لا، والله لا أرزقكم حتى أرزق أهل الحاضرة، فمن أراد بحبحة الجنة فعليه بالجماعة (فإن يدالله على الجماعة). وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى يزيد بن الحصين: أن مِر للجند بالقريضة، وعليك بأهل الحاضرة، وإياك والأعراب، فإنهم لا يحضرون محاضرة المسلمين، ولا يشهدون مشاهدهم).
وبعد ذلك، يقول عبيدالله بأنه ليس وجه هذا أن يكونوا لم يروا لأهل البادية من الأعراب حقاً، ولكنهم أرادوا ألا فريضة لهم راتبة تجري عليهم من المال كأهل الحاضرة الذين يجامعون المسلمين على أمورهم، ويعينونهم على عدوهم بأبدانهم أو بأموالهم، أو بتكثير سوادهم بأنفسهم، وهم مع هذا أهل المعرفة

ــــــــــ
ص227 ـ 229.