/ صفحة 298 /
شيعاً ومذاهب تفرق بين الأمة، وتستنفد الكثير من جهود أبنائها؟ ذلك في رأينا يرجع إلى العصبية من ناحية، وإلى عدم نسياننا بعض ما سجله التاريخ الإسلامي من ناحية أُخرى.
عصبية كل رجال مذهب لمذهب، والدعوة له والمنافحة عنه بالحق أو الباطل، هي علة ما نشكو منه من التفرق وعدم اجتماع الشمل، وتضافر الجهود، فيما يعود على الأمة قاطبة بالخير. ولو أنصفنا لعلمنا أن الله، جلت حكمته وعظمت رحمته، لم يجعل الحق وقفاً على مذهب معين وفرقة معينة من بين المذاهب والفرق الإسلامية وهذه العصبية والرغبة في الزعامة الدينية، هي التي تجعل البعض لا يتزحزح عن بعض أصول وآراء مذهبه، وإن كان يرى في قرارة نفسه أن منها ما يحتمل أن يكون غير حق!
وتذكرنا التاريخ دائما، يؤرث بيننا من العداوة والخصومة ما كان يجب أن يزول تماماً منذ أزمان وأزمان، هذا التاريخ الذي أرانا العصبية الحمقاء قد دفعت إلى معارك دامية بين أصحاب المذاهب والمقالات الإسلامية، معارك كان بعض الخلفاء والولاة يعينون بكل أسف عليها!
علينا إذاً أن ننسى هذه الجوانب من التاريخ، التي ذهبت بلا رجعة بحمد الله تعالى، وأن نطرح تلك العصبية المقيتة التي ترى كل صاحب مذهب أن الحق هو فيما عليه وحده. وبعد ذلك علينا أن يتعرف بعضنا إلى بعض بدراسة مذهبه ومراجعه التي كتبها رجاله، وحينئذ سنتبين أن الخُلف بيننا ليس مما يستوجب هذه الفرقة سواء كان ذلك في أصول الدين أو فروعه(1).
لقد أشرت صدر هذا المقال إلى أني قرأت كتاب (دعائم الإسلام، هذه الأيام)، وقد انتهيت من قراءته إلى ان الخلاف ليس كبيراً بين فقه أهل السنة،
_________
وهنا نتساءل: لماذا لا يدرس في الأزهر والجامعة علم الكلام والفقه والتاريخ لدى الشيعة، دراسة نقارنة نقدية يتبين بها الحق في نفسه سواءاً كان لدى هؤلاء أو أولئك؟