/ صفحة 306 /
الرباط في سبيل الله
كيف بدأ ولا مَ انتهى
لحضرة المجاهد التونسي الكبير السيد محيي الدين القليبي
المرابطة في سبيل الله ناحية من النواحي العسكرية الإسلامية، كان لها في حياة كثير من الحكومات الإسلامية الأثر البعيد في الدفاع عن الأماكن (الاستراتيجية) ذات الخطورة في حدود الأوطان الإسلامية، كما كان لها التأثير العميق في التربية النفسية للجندي الإسلامي.
وإذا كان الثغر هو الموقع (الاستراتيجي) الذي له شأنه في حدود الوطن الإسلامي المجاور للعدو المحارب والحدود الساحلية منها على الخصوص، فإن المرابطين به هم الجنود الفدائيون الذين أخذوا على أنفسهم دفع العدوان المهاجم للثغور الإسلامية، ورد غراته وغزوه المفاجئ.
تجمعوا في تلك المواقع، ورابطوا بها يفتدون أرض الاسلام وإخوانهم الآمنين فيها بأنفسهم، ويتعرضون للصدمة الأولى، ويشغلون العدو بمحاربتهم له مهما كان عدده وعدته، حتى يأتي أصحاب النوبة، وهو الاسم الذي أطلق يومئذ على الجند النظامي الذي يستقر مع عائلته وراء خطوط المرابطين الأولى، ويعمل في الزراعة والصناعة والتعمير وتكوين القرية، إلى جانب قيامه بالحراسة متناوباً، وهذا الجند النظامي يأخذ الجرايات والارزاق من الحكومة، أما المرابطون فمتطوعون بأموالهم وأنفسهم، لا يأخذون شيئاً من الحكومة ولا من الناس، ولكنهم يعتمدون في حياتهم البسيطة على كدهم وعملهم الخاص، ومن هنا تظهر