/ صفحة 189/
فضل المسجد على الثقافة الإسلامية
لحضرة الأستاذ عبدالوهاب حموده
أستاذ الادب الحديث بكلية الاداب بجامعة فؤاد الأول
-3-
قد كانت نشأة الفن الإسلامي في المساجد، فيها ولد في وضح النهار وفي رحابها نما وتر صرع تحت رعاية المسلمين وبين أنظارهم.
وكانت المساجد الاولى أبنية عادية أقيمت للصلاة والوعظ وحدهما، وليس فيها نزوع إلى اتقان في العمارة، وكان أثاثها حين وجد - إذ لم يكن لها أثاث في بادىء الأمر - غاية في البساطة، وكان كل تجديد يظهر في المساجد عرضة للنقد اللاذع.
وعند ما انتشر الإسلام وامتد سلطانه إلى كثير من بلاد الله اختلط العرب بغيرهم من الاجناس الاجنبية عنهم، وأدّى ذلك إلى اتساع أفق الفن في أعين المسلمين الذين استطاعوا أن يخرجوا بفضل هذا الاختلاط صوراً جديدة للمثل الاعلى في الفن عندهم مع الوقوف عند الحدود التي رسمها لهم الدين.
وعلى الرغم من أن العرب كانوا فيما يظن يجهلون فن العمارة ابان السنين الاولى من فتوحاتهم، فإن الحقيقة الواضحة التي لاسبيل إلى انكارها أن فن العمارة الإسلامية كان في كل زمان ومكان محتفظاً بشخصية ظاهرة، ولعل عقيدة الإسلام كانت العامل الذي أعان على تغيير الاساليب المحلية المختلفة في فن العمارة، كما أعان على أن يستخرج منها طراز له مميزاته الذاتية.
فقد كانت الابنية التي بناها العرب في السنين الاولى جوامع أو قصوراً