/ صفحة 198/
أو نقل النص كلمة كلمة. والترجمة حسب الطريقة الاولى تعطى كلاما أيسر فهما، وأوضح عبارة، ولهذا كانت ثمراتها سائغة، وفائدتها أقرب وأعم، وأما الترجمة على حسب الطريقة الثانية، فقد جاءت عبارتها غامضة وغير جميلة، ومع ذلك فانها أفادت العلم، واستطاع بواسطتها بعض العلماء استرداد النص المنقول في حالة فقدان أصله، وذلك بترجمة الترجمة متبعاً نفس الطريقة التي اتبعهاالمترجم العربى.
وفي شرح هاتين الطريقتين في الترجمة يقول الصلاح الصفدى: وللتراجمة في النقل طريقان: أحدهما طريق يوحنا بن البطريق وابن ناعمة الحمصى وغيرهما، وهو أن ينظر إلى كل كلمة مفردة من الكلمات اليونانية، وما تدل عليه من المعنى فيأتى بلفظة مفردة من الكلمات العربية ترادفها في الدلالة على ذلك المعنى فيثبتها وينتقل إلى الاخرى كذلك حتى يأتى على جملة ما يريد تعريبه، وهذه الطريقة رديئة لوجهين: أحدهما أنه لا يوجد في الكلمات العربية كلمات تقابل جميع كلمات اليونانية: ولهذا وقع في خلال هذا التعريب كثير من الالفاظ اليونانية على حالها والثانى أن خواص التركيب والنسب الاسنادية لاتطابق نظيرها من لغة أخرى دائماً، وأيضاً يقع الخلل من جهة استعمال المجازات وهي كثيرة في جميع اللغات، الطريق الثانى: في التعريب طريق حنين بن اسحاق وغيره، وهو أن يأتى الجملة فيحصل معناها في ذهنه ويعبر عنها من اللغة الاخرى بجملة تطابقها سواء ساوت الالفاظ أم خالفتها، وهذا الطريق أجود; ولهذا لم تحتج كتب حنين بن اسحاق إلى تهذيب الا في العلوم الرياضية، لأنه لم يكن قيما بها، بخلاف كتب الطب والمنطق، والطبيعى والالهى، فإن الذي عربه منها لم يحتج إلى اصلاح، (عن الكشكول للبهاء العاملى. طبعة بولاق القاهرة سنة 1288، ج 2، ص 191.
والواقع أن حنين بن اسحاق كان نسيج وحده في اتقان الترجمة واستحق بنبوغه واجتهاده أن يخلد اسمه في تاريخ العلوم في العصور الوسطى عند الاسلاميين في الشرق والمسيحيين في الغرب على حد سواء. وهو من مفاخر العرب أصله من قبائل عباد (بفتح العين وتخفيف الباء) بالحيرة أخذ العربية عن شيخه الخليل بن أحمد، وقيل