/ صفحة 360/
المعنى القلبى المؤثر فى امتثال الاوامر واجتناب النواهى بقصد مرضاة الله، وعن طريق الجهاد فى سبيله، ولم تشر الآية فى قليل ولا كثير إلى مشروعية الاعتماد فى الوصول إلى الفلاح على شيء من خارج النفس، وقد أيد هذا بتأييد العذاب على هؤلاء الجاهدين الذين ظلوا طول حياتهم يعتمدون فى تقربهم إلى الله على دعاء غير الله، ويؤكد لهم أن مدار النجاح والفلاح ليس على ما يتوهمه هؤلاء فى الأمر فديتة، ولو أن لهم جميع ما فى الأرض ومثله معه، وقدموا ذلك كله ليكون فداء لهم من العذاب يوم القيامة لم يتقبله الله منهم، ولا يكون له أثر فى تخفيف العذاب عنهم، لأن الله قد رسم لعباده سبيل الفلاح والنجاة، وأنه لا يكون ألا نابعا من قلب الإنسان ونفسه، لا تكتسبه من أحد سواه ((قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها)) فمن زكى نفسه بالايمان، وامتلا قلبه بعظمة الله، واندفع بذلك إلى امتثال أوامر الله، كان أهلا لرضوان الله ونعيمه ومن دنس نفسه بالشرك، أو ظلمها بالمخالفة والعصيان، وكان مظلم القلب، كان من المغضوب عليهم، المخلدين فى النار، ولا تنفعهم شفاعة، ولا تقبل منهم فدية; اقرأ وتأمل قوله تعالى بعد النداء بطلب التقوى وابتغاء الوسيلة. ((ان الذين كفروا لو أن لهم ما فى الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم)) .
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن توجهت قلوبهم إليه، ولم يعتمدوا فى قبولهم ونجاتهم الا عليه، وأن يجعل ايماننا زكاة نفوسنا، وثبات قلوبنا، وصلاح أعمالنا وفكاك اسارنا ((يوم لاينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم)) .
والى اللقاء فى العدد المقبل، لنتحدث عن ((النداء السابع)) من نداءات هذه السورة، فنفتتح به العام الجديد لمجلة (رسالة الإسلام) ان شاء الله.
والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات.