/ صفحة 434/
أليس من المؤلم أن يجد دعاة الفرقة أذناً واحدة تصغى إلى دعوتهم، وقلباً واحداً يتأثر بها، ويداً واحدة تمتد بالعدوان في سبيلها؟
ان الامم التي يشغلها الجدل واللدد لن ترتفع لها رأس أبداً، ولو أن أمة من الامم كانت قوية عالمة عزيزة مهيبة، ثم فشا فيها هذا الداء العضال لاتى عليها في زمان قريب مع قوتها وعلمها وعزتها، فما بالنا بالامة التي تقف الآن في مفترق الطرق، تطالب العالم بانصافها، وتزعم لاقطابه وهيآته أنها جديرة بهذا الانصاف، وتجاهد عن حقها في الشرق والغرب، وتريق دماء أبنائها هنا وهناك، وتبذل كل مرتخص وغال في سبيل وصولها إلى ما تبتغى ما بال هذه الأُمة اذن لا يكف أفرداها عما درجوا عليه من الاثم والعدوان في حقها؟
ان ((جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية)) لم توجد الا لتوحيد كلمة المسلمين واستلال أسباب الضغائن من قلوبهم، والعمل على أن يترفعواعن كل ما يصمهم بوصمة التأخر والضعف، والعناية بتوافه الامورج وتالله لن تقوم للامة قائمة ما دامت طوائفها، أو أفراد من طوائفها، تتحرك لأن احتفالا أقيم في مناسبة معينة، هذا يرضاه، وهذا يأباه، أو لأن خطيباً قال في بعض كلامه مالا يقبل من وجهة نظر فريق غير فريقه، ولقد اهتمت ((دار التقريب)) بهذا الأمر حق الاهتمام، ودارت مراسلات واتصالات في شأنه بين السيدين الجليلين: محمد على علوبة رئيس الجماعة، وسماحة الشيخ محمد تقى القمى سكرتيرها العام، وبين عظمة حاكم البحرين وصفوة من رجال ((البحرين)) الكرام، وكان لهذه المراسلات أثر والحمدلله في تخفيف الحدة، واخباء نيران الفتنة، ولعل هذا يكون مدعاة لتدبر عميق من اخواننا هناك ينتهى إلى توطيد أسباب الالفة والمحبة، وتناسى أسباب الفرقة والبغضاء، فتندمل جراح أحبب إلى المسلمين أن تندمل ((و ترقا دماء أعزز عليهم أن لا تفتأ تسيل، والله المستعان)) ، ((ربنا لاتؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا اصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا، واغفرلنا، وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين)) .