/ صفحة 52/
الثورَة والأدَبْ
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الجواد رمضان
أستاذ الادب العربى فى كلية اللغة العربية
يتصل الأدب بالثورة اتصالا غير مباشر; لأن الثورة تمرّد على الأوضاع الاجتماعية، يتناولها كلا أو بعضا بالمحو أو الأصلاح، في سرعة وعنف; والأدب ظل الحياة الاجتماعية، فمتى اضطربت الحياة الاجتماعية أو وقفت بين عهدين تَحسّسُ الطريق الأنجع، اضطرب الأدب كذلك أو توقف تبعاً لها، حتى إذا اتخذت طريقها الجديد راشدة مجددة، وجد الأدب طريقة تحت ظلالها، يحدوها ويتغنى بآثارها، ويشيد بأبطالها.
قامت ثورة بنى هاشم علي بنى أمية، فقلبت الخلافة من أموية إلى عباسية، وقلبت الدولة من عربية للعرب إلى إسلامية للمسلمين: عجمم وعربهم; وقلبت الثقافة من عربية صريحة إلى علمية عالمية، ووقف الأدباء ينظرون، ثم تأقلموا، فانضووا تحت الراية الجديدة، يبتكرون ويجددون، ويتنافسون في الابتكار والتجديد، حتى أقاموا للأدب العباسى دولة تسامى دولة الأدب الإسلامي وتناظره، تتلاقى الدولتان في الاشكال والمشابه الظاهرة، وتختلفان مذاقا واتجاها، وضمت الثروة الجديدة إلى التراث القديم، فجمع بهما الإسلام طريقا إلى تليد، وحوى بهما المجد من أطرافه.
وقامت ثورة الترك، فقلبت الخلافة إلى جمهورية; وقلبت اللغة من تركية عربية، إلى لاتينية، وقلبت العقيدة من اسلامية متزمتة، إلى: لا دينية. وقلبت حال المرأة من حجاب صفيق، إلى سفور سافر.