/ صفحه 189/
و أما التعليق على النظائر والمسوغات التي دعم بها رأيه في حسبانه (الاخين) مفردا، فكما تعهدت لك أمس الدابر، سنتناولها موحد لان الكلام على كل مسوغ باعتباره وحدة كافية في الاستدلال أجدى في الفائدة وأجزل في العائدة، فهات أولها.
قلت: هذا حقا منهج تربوى تهفو نقسي إليه. لانه وسيلة الإيضاح في تثبيت المعلومات.
أشيخي ـ أول هذه المسوغات أن اللغة لرحابة بهوها وانفساح ساحها أباحت في الاختيار ـ وهو مئنة الانصياع لتعاليمها، وعدم الحيود عن سننها، ولا سيما (آيات الكتاب الكريم) ـ ما هو أبعد من (الاخينا) في البيت، فقد ورد في المحكم في سورة الصافات: "سلام على آلياسين" في ختام قصة إلياس عليه الصلاة والسلام المبدوء بقوله عز من قائل: "و إن إلياس لمن المرسلين" والمحدث عنه في القصة واحد هو الرسول إلياس.
على أننا إذا وازنا بين الاخ الذي استحال في البيت (الاخين) وبين إلياس الذي تحول في نهاية القصة القرآنية (آلياسين) رأينا البون شاسعاً، ففي الاخ أشبعت الكسرة الاصلية للأضافة فنشأت الياء وردفتها النون، ثم ألف إطلاق الشعر، وأما إلياس فقد عمد فيه إلى إزالة الفتحة الاصلية وجيء مكانها وبدلها بالكسرة، وجرى على هذه الكسرة الطارئة ما يجرى على الاصلية فأشبعت هذه الكسرة العارضة فتولدت الياء ثم ذيلت بالنون، فالكسرة المحدثة للياء في الاخ أصلية، وفي

ـــــــــــ
1- راجع العدد الثالث من السنة الخامسة لمجلة رسالة الإسلام.
2- راجع العدد الأول من السنة السادسة للمجلة.
إلياس مجلوبة لتساير كسرة الاخ حتى يلتقى اللفظان: الاخين وإلياسين في النهاية على سمت واحد وهو معنى المفرد الذي دلا عليه قبل عروض الزيادة.
فكيف بعدئذ يحوم الشك ويجرى في الوهم التفرقة في المعنى بين الاخ والاخين؟ وخصوصاً في الشعر مع الاتحاد بين إلياس وإلياسين، كما تنطق به الآية الشريفة.