/ صفحه 199/
إلياس ـ الياسين:
على أني أصارحك أنني طالما جال في نفسى سؤالك استثنافا عن إلياسين، ولكن قد انساق إليها القول عفواً.
ذلك أنه كثر ما نشب الحوار بين الإخوان في نداوتهم العلمية حول الياس وإلياسين، وتعاطوا فيها كتب التفسير ومعاجم المعربات، وموسوعات اللغة العربية، وماخمدت مغبة هذا الحوار مرة لان ثمرته على الدوام الوقوف عند مختلف الاراء التي لا نكاد نركن إلى أحدها، وهي ثمرة غير شهية.
إني شيق إلى كلمة فيهما معقولة المدرك صحيحة التوجيه أستبقيها ذخيرة علمية مضافة إلى الذخائر التي منحتنيها.
فمثلك جدير بما يؤمل فيه ولا يحول رفده اليوم عن رفده غداً، وقبلي أبو تمام حبيب بن أوس الطائي حباه أحمد بن أبي دواد الايادى بالمنن الغر، فاستزاده أن يواليها بأخرى حتى يكون كمن أسرج بعد أن الجم فقال:
إعلم ـ وأنت المرء ـ غير معلم * * * وافهم ـ جعلت فداك ـ غير مفهم
أن اصطناع العرف ما لم توله * * * مستكملا كالثوب ما لم يعلم
و الشكر ما لم يستثر بصنيعه * * * كالخط تقرؤه وليس بمعجم
و يقوتني في القول إكثار وقد * * * أسرجت في كرم الفعال فألجم(1)
قال: حب شيء إلى أن أفيد وأفيد، وسأنجز لك ماوعدت، وعساك تكتفي بإجابة سؤلك اليوم، فلست أدرى ما

ـــــــــــ
1- اصطناع العرف: اتخاذ المعروف عند الناس، ولم يعلم الثوب: توضع عليه علامة ورسم، الفعال: الفعل الحسن، والابيات من شواهد الايضاح (التشبيه).
تفاجأني به غدا، لانه تكشف لي أنك (تسرحسوا في ارتغاء)(1)