/ صفحه 265/
بين الفقهاء والشعراء
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الجواد رمضانه
يقول جار الله الزمخشري في تفسير قوله تعالى: "والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واديهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون" ذكر الوادي والهيوم فيه، تمثيل لذهابهم في كل شعب من القول، واعتسافهم، وقلة مبالاتهم بالغلو في المنطق، ومجاوزة حد القصد فيه، حتى يفضلوا أجن الناس على عنترة، وأشحهم على حاتم; وأن يبهتوا البرىّ، ويفسقوا التقي، وعن الفرزدق أن سليمان ابن عبد الملك سمع قوله:
فبتن بجانبي مصرعات * * * وبت أفض إغلاق الختام
فقال: قد وجب عليك الحد. فقال: يأمير المؤمنين، قد درأ الله عني ا لحد بقوله: "و أنهم يقولون مالا يفعلون" ا هـ.
و في أثناء هذه المحاورة القصيرة بين الخليفة والشاعر تنطوي النسبة بين الشعر والفقه بمعناه الأعم; فموضوع الفقه الحقائق الواقعة من حيث ما يعرض لها من الحل والحرمة، والصحة والفساد، والثواب والعقاب إلى آخره; وموضوع الشعر، الصور التي يزورها الخيال، لما يحيط بالشاعر من مظاهر الحياة، وما يجول في خاطره من مشاعر وأحاسيس; فالفقيه واقعي، والشاعر خيالي، والنسبة بين الواقع والخيال هي النسبة بين المتضادين، ومن هنا اتسعت مسافة الخلف بين الشعراء والفقهاء، وتنكر بعضهم لبعض; ومضي في نبز ما كان ضعيف