/ صفحه 275/
للانسان ملكات واستعدادات فطرية: الانسان يميل إلى الاطلاع والعرفة، ويميل إلى السعي والحركة في الحياة، ويميل إلى حفظ البقاء. فإذا نمى هذه الاستعدادات والميول، واتجه بها الوجهة الصحيحة في الحياة، وجنبها الانحراف ـ كان عندئذ خيراً نافعاً لنفسه وغيره.
إذا اتجه بميله إلى الاطلاع والمعرفة نحو ما يصور الحقيقة وواقع الأمر كما هو، وبميله إلى المشاركة الوجدانية إلى ما يعين غيره في صورة القول أو الفعل; في صورة القول المهذب أو القول بالمعروف، وفي صورة فعل البربه، ومعاونته بما يحل الأمته أو يدفعه إلى التقدم في حياته الاقتصادية، وبميله إلى السعى والحركة في الحياة نحو ما يكون منه عاملا منتجاً في الحياة لامخربا أو هداما فيها، وبميله إلى حفظ البقاء، نحو بقاء شخصه ونوعه الذى يتمثل أولا في الحرص على أسرته الخاصة بقاء أدبياً قبل البقاء المادى، بقاءً يعد في جماعته ويعتبر كمثل فيها أو بقاءً يسجله تاريخ قومه أو تاريخ الانسانية ـ إذا اتجه بميوله هذه الاتجاهات، فهو انسان خير لنفسه وغيره.
وإذا اتجه بهااتجاهات أخرى: كأن يتجه بالمعرفة إلى ما يشبع غرائزه لا إلى ما يصقل عقله أو يوقفه على الحقيقة كما هي، ويتجه بباقي الميول والاستعدادات نحو هذا الاتجاه ـ كان إنسانا ضاراً لا خير فيه لا لنفسه ولا ليغره; كان إنسانا منحرفاً عن خط الاستقامة في السير في الحياة، وعن خط الهداية الذي يحدده العقل للانسان المنتج المثمر في الحياة، والذي ينصح به الإسلام ـ وكل دين سماوى في رسالته الأولى ـ الإنسان المبتغى سعادة نفسه وسعادة غيره.
ميول الانسان واستعداداته الفطرية يمكن أن يتجه بها الانسان وجهة مادية محضة، وعندئذ لايكون هو الانسان صاحب العقل والادراك. ويمكن أن يتجه
المزدوجة. ليس واحد من صاحبي هذين الاتجاهين بالانسان ا لذى تريده الحياة، ولا بالانسان الموجه من قبل الإسلام.