/ صفحه 318/
بضاعته من أبي بن خلف الجمحي، وهو ـ كما تعلم ـ مطول سييء المخالطة، فاضطر البارقي لرفع أمره إلى حلف الفضول، ويقول له الزبير: أخبر أبيّا أنك أبلغتنا شكواك ثم عد إلينا إذا لم يخرج إليك حقك. فأتاه فأخبره فأخرج إليه حقه.
وقص عليه مرة فقال: قدم خثعمي إلى مكة تاجراً، ومعه بنت اسمها(القتول) وهي أوضأ فتاة، وأصبح نساء العالمين، ويراها نبيه بن الحجاج السهمي فيرى منها ما يبهره، ويطير نفسه حولها فيؤالي أن يطبق عليها وينزعها من يد أبيها.
ويقتحم عليها وجه أبيها وصدره، ثم يتركه بعدها خزيان أسفا، يقلب في أثرها طرف خاسر حائر خائر، ويقال له ـ وهو سادر ـ: عليك بحلف الفضول، وكأنما أدركه الفرج، فينشط ويعود من حلف الفضول ومعه رسل الزبير إلى نبيه يأمرونه
بإخراج الفتاة إلى أبيها، فيناشدهم نبيه أن يمتعوه بها سواد ليلة، فيقولون له: قبحك الله ما أجلهك! والله ولا شخب لقحة. أخرجها وإلا. فيخرجها صاغراً، وتخرج مكرمة.
ويقول ياسر لابنه: كان عبدالمطلب قبل (الفضول) وكانت رسله تحل هذه المشكلات، أغرى حرب بني أمية أحد رحاله باغتيال ثرى مستضعف، واغتيل المسكين فاحتاز حرب تركته، ورفعت القضية إلى عبدالمطلب، فأعاد سيد قريش التركة إلى الورثة، وغرم حرباً دية القتيل مائة ناقة.
ثم ترم الايام آخذاً بعضها برقاب بعض، وعمار يغدو على أبيه من أطرافها ويمسي بخبر من هذه الاخبار، وبفكرة من هذه الفكر، لا يمل هو، ولا يمل أبوه، ولعل أباه أعرف منه بهذه الاخبار وهذه الأفكار، ولكنه يصغي إليه إصغاء المشجع، ويعلق على أخبار تعليق المربي، وكان بعد كل إصغاء، وبعد كل تعليق يأمره بالتحفظ، ويوصيه أن يحفظ ما يأمره به، وكان الصبي يختم كل قصة وكل فكرة بقوله: لله أبوك يا أبتي. لم يخطي ء علمك ببني هاشم من صلاحهم شيئا.