/ صفحه 373/
مصادر إسلامية كانت في متناول طلاب العلم في صقلية وفي طليطلة وأشبيلية. وهو يعتمد في منهجه في الغالب على التمثيل وإيراد أوجه التشابه، ويبين بالتفصيل مدى اتساع التبادل الثقافى بين المسلمين والاوربيين في المائتين الثانية عشرة والثالثة عشرة بعد الميلاد، وكيف كان الاوربيون من جميع البلاد يقصدون صقلية حيث ظلت الثقافة الإسلامية مزدهرة في بلاط ملوكها النورمانديين والجرمانيين ويذهبون أيضا إلى طليطلة التي ظلت مده طويلة أهم مركز لنقل التراث الإسلامي إلى أوربا في العصور الوسطى. وكذلك إشبيلية، وشرح كيف كان بعض الرهبان المسيحين يعرف العربية ويستفيد بواسطتها من كتب المسلمين حتى ما كان قريب العهد من زمنه بل في زمنه. وتكلم أيضاً في مدى تأثر أحبار المسيحية وكبار معلمها لاسيما في القرن الثالث عشر للميلاد بمفكرى الإسلام، وكيف بلغ عند بعضهم الاعجاب بفلاسفة المسلمين إلى حد حملهم على تفضيلهم في العلم على مواطنيهم وأبناء جنسهم، وكيف دعا بعضهم إلى الاقبال على تعلم اللغة العربية ليتمكنوا من استيعاب علوم المسلمين التي كانت سبباً لتقدمهم إذ ذاك في مضمار الحضارة وفي انتصاراتهم وسايدتهم. وقد صرح دانتى نفسه في بعض مؤلفاته بأن في الكلام بلادا أجمل من وطنه توسكانا، ومدنا أجمل من مدينته فلورلسه، وأمما تتكلم لغات أفضل وأنفع من لغات الشعوب اللاتينية. ولعل هذا التصريح وغيره من القرائن، مما جعل أسين لايستبعد أن يكون دانتي نفسه قد تعلم العربية.
و في الواقع إنه يجوز ان يكون دانتى عرف شئياً من اللغة العربية، ولكن مما لاشك فيه أنه لم يبلغ في معرفته بها درجة تمكنه من قراءة كتب صعبة مثل مؤلفات أبي العلاء المعرى ومحي الذين ابن عربي وأمثالها ممن ذهب أسين إلى أن مؤلفاتهم مصادر لبعض المعارف التي تضمنتها قصيدة دانتى الخالدة ولم يصح دليل على أنها في عهده كانت مترجمة
إلى لغة أوربية.
و تناول أسين أيضاً مسألة كبير الاهمية، ولكنه لم يورد لهاحلا، وكان في تناوله لهذه المسألة بالبحث أقرب ما يكون إلى إصابة الدليل الصحيح على