/ صفحه 411/
أن نستجلي الماضي استجلاء متصلا متسلسلا، وندرسه على أنه حكايتنا البشرية... حكاية حياتنا الماضية في هذا الكون، وبهذا نفيد من الماضى إخضاع تجاربه للارتقاء لا لامتاع الاذواق وإرضاء العواطف. واستثارة الاعجاب فقط.
و "عاد" كانت ساقية من نهرنا الكبير، نعم ودفعها سوء المصير إلى ارض رملية عطشي، فلم تلبث حتى ابتلعتها، ولم ينته الأمر، فقد التقت على رمسها رياح القضاء الهوج، وبراكين الاعماق الحمر،، هذه تقيؤها، وتلك تدملها!.
ترى أتننهي القصة عند هذا الحد؟ لقد مضت آلاف السنين على هذا الحادث العجيب، أفنيأس؟ إنها حلقة من حياننا ضاعت ولكن لابد من العثور عليها، إن لم يكن الآن ففي وقت آخر، وإن لم يكن بيدى فبيد باحث غيرى.
وأكثر ما أستطيع أنا في هذا المنفى المهتم بتفاهات الاقطاع، وسخافات العصبيات، أن استهدى إلى تحديد زمنها بهدى القرآن مستعيناً بحركات المجتمع البشرى الكبرى التي دارت حول الجزيرة في قلب هلالها الخصيب، وشواطىء الابيض المتوسط.
كانت الأُمة العربية نائمة في مهدها... هذا صحيح، ولكن الأمم الثائرة على أسوارها عيت بها أحيانا كثيرة ومتى استطيع العثور على رأس الخيط،في تحديد زمن معروف لهذا الشعب الضائع منا، لم أستطع فحسبى أن أستفهم.
من هي عاد! ومتي ظهرت؟ وأية أرض عَمَرت؟ وكيف عمرت؟ ومن أين جاءت؟ ما عقيدة عاد؟ ومن هو "هود" نبيها؟ وكم عاشت، وكيف انتهت؟ ولماذا انقرضت؟
تلك هي الاسئلة التي تجيب عنها قصة "عاد" التي أنا بصددها، وليس شيء أسهل من تأليف هذه الفصة على من يقتحم (ضحة بابل) ويصاب بعدواها، أما الذي يخرج منها مالكا لامره، فسيجد في تأليفها حرجاً من أيسره عناء التوفيق بين متناقضات المسابين بالضجة البابلية، وليس شيء أهدى إلى المعرفة في هذا الخضم من التمسك بعرى القرآن؟