/ صفحه 413/
- 2 -
لكن بقية جوانب الفكر الاغريقي: وهي الالهيات والأخلاق لم يستطع الفكر الإسلامي أن يتأثر بهابحيث تعد مقدمات أو لبنات في بنائه، أو بحيث تمثل حلقة في تطوره، وذلك لان الفكر المنطقى الاغريقى، وكذا الجانب الرياضى فيه عند ما ترجما إلى اللغة العربية وجدا ميدانا رحبا خالياً في تاريخ الفكر الإسلامي فلم يكن للإسلام رأي معين في هذين الجانبين .
هذا سبب. وهناك سبب آخر هو أن هذين الجانبين كانا جديدين كل الجدة على العقلية العربية لما لهما من طابع الدقة والضبط.
أما الجانب الإلهي وكذا الجانب الاخلاقي من الفلسفة الاغريقية، "فبعد ترجمتها إلى اللغة العرية وجدا أن الإسلام بتعاليمه في الالهيات والأخلاق قد سبقهما في قيادة التوجيه في الجماعة الإسلامية، وفي احتلال المكان الأول في تفكير المسلمين وإيمانهم.
و لهذا وضع العقل الإسلامي هذين الجانبين موضع النظر والاخذ والرد، وكان مقياس ردهما ودفعهما هو نفس مقياس الاخذ بهما وقبولهما، كان هذا المقياس هوالدفاع عن الإسلام.
وإذا قيل: إن الفكر الإسلامي قد تأثر بالفلسفة الإلهية، والأخلاقية الاغريقية، فذلك على معنى أن هذه الفلسفة قد أثارت عملا عقلياً لدى المسلمين واسع النطاق، يدور مرة حول قبول هذه الفسلفة، ومرة أخرى حول رفضها، وفالدين يعرفون بفلاسفة المسلمين كالفارابي، وابن سينا، وابن رشد دار عملهم العقلي حول التدليل على أن الفلسفة الالهية والاخلاقية الاغريقبة توافق تعاليم الإسلام، ويلائم بعضها بعضاً.
وعلماء الكلام من المعتزلة والاشاعرة وإن قبلوا بعض مبادىء الاغريق في ذلك كمبدأ الجوهر الفرد، ومبدأ الوحدة من كل وجه في العلة الأولى، إلا أن صفتهم العقلية كانت تدور حول بيان: أن الفلسفة الاغريقية الالهية والاخلاقية