/ صحفة 340 /
الائتلاف حول العروبة، وتحت ظلال جامعته، فكيف خفى علينا أن العنصرية وحدها لا تصلح رباطا وثيقا، وأن الرباط الوثيق لا يكون إلا على المثل الواضحة، والأهداف المشتركة؟ ألم تكن ((العروبة)) قائمة في شبه الجزيرة قبل الإسلام، فلمَ لم تجمع الشمل الممزق، ولِمَ تقرِّب القرابة، ولم تطفيء نيران العداوة؟ لِمَ كانت الحروب تقوم بين العرب لأوهى الأسباب، ولعشرات السنين، فتزيدهم فقراً على فقر، وضعفاً على ضعف، وخوفا على خوف، وتأكل فيهم الأخضر واليابس، ولا تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم! كلُّ هذا وعروبتهم نائمة لا تستيقظ، بل ميِّتة لا تحس ولا تتحرك، والعالم من حولهم لا يعبأ بهم، ولا يقيم له وزنا، ولا يخشى لهم بأسا، ولا يتوقع منهم ضرا ولا نفعا.
فهل صلحت العروبة يومئذ رابطةً تربطهم، وجامعةً تجمعهم؟ وهل بعثتهم من مراقدهم ودفعتهم إلى طريق من العظمة والمجد تقصد إليها الشعوب الحية، والأمم المتوثبة؟ كلا، لم تفدهم العروبة شيئا من ذلك، إذ كانت عنصرية مجردة، لا تعرف مُثلا موحدة، ولا ترمي إلى أهداف محددة.
لهذا كله لم يدعهم الإسلام بدعوة العصبية، ولم يحاول جمعهم باسم الجنسية، ولم يجعل عروبتهم أساس وحدتهم، وإنما جعل جامعتهم ((الإسلام)) ورابطتهم ((القرآن)) وأهدافهم الحق والخير والصلاح، وبذلك سما بهم عن المصلحية الخاصة، وسما برسالته عن العنصرية الجامدة، ودفعهم مجتمعين مؤتلفين متعاونين إلى آفاق الحياة الإنسانية العامة، يجاهدون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص.
* * *
ألا فحباً وكرامة أن نراكم اليوم أيها القادة والزعماء في مختلف بلاد الإسلام، تسيرون في الاتجاه الصحيح الذي رسمه لكم الإسلام.