/ صحفة 366 /
مقاصد الرسالة المحمدية ((كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون)) وقال تعالى في آية أخرى: ((هو الذي بعث في الاميين رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، وآخرين منهم لمَّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)).
وبهذا يتبين أن الرسالة المحمدية تتجه بالنسبة لنفس الإنسان إلى نواح ثلاث تتضافر فتكوِّن المعرفة الإنسانية المفيدة المثمرة:
الناحية الأولى: من هذه النواحي، تزكية النفس بتربية الوجدان، وتقوية الضمير، والايمان بالخير وابتغائه، ودعامة ذلك الإيمان بالله تعالى، والقيام بالفرائض الدينية المتصلة بتهذيب الوجدان وتربية الضمير.
والناحية الثانية: تعليم الكتاب وهو الوحي المنزل من رب العالمين وهو يشتمل على الشريعة الغراء، وهي الحجة الواضحة التي ليلها كنهارها، ففي علمه علم بهذه الشريعة، وعلم بأسرار الوحي الإهلي الذي نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك ورد عن بعض الصحابة رضوان الله تبارك وتعالى عنهم: أن من علم القرآن فقد أدرج النبوة بين جنبيه.
والناحية الثالثة: الحكمة ـ وهي العلم بكل ما يتفع ويفيد، فالعلم بما عليه الناس من أخلاق وعادات ليتميز الخبيث من الطيب حكمة، والعلم بكل ما يرقي به عمران الأمة من هندسة وطرق زراعة وغير ذلك حكمة، والعلم بما يدفع أدواء الأجسام من طب وغيره حكمة، وهكذا كل ما يتصل بالمعرفة العملية هو من الحكمة، وتعليم الإسلام لهذه الحكمة، ليس بتعليم المؤمن بهذه العلوم، فما كانت الديانات السماوية لتعليمها، ولكن بتوجييها نحوها، وإرشادها إلى وجوب تعرُّفها.
(2) وإذا كان أول نداء إلى محمد * وطلب المعرفة، فالمعرفة أساس من أسس الاجتماع الإسلامي، والمجتمع القرآني أول أسسه المعرفة والتفكير فيما خلق