/ صحفة 39 /
لم يذكر الا عقاب الآخرة لمن يشاء البقاء على الكفر، فإذا لم يفد فيه عقاب الآخرة لم يفد فيه عقاب الدنيا من باب أولى، لأنه لا يؤمن به الا ايماناً ظاهراً لا فائدة فيه، ويكون عقابه عليه أشد من عقابه على بقائه في الكفر، لأنه يكون من المنافقين الذين يوضعون في الدرك الأسفل من النار.
على أن الله تعالى حينما حكم بأنه لا اكراه في الدين في الآية ـ 256 ـ من سورة البقرة، فقال فيها: (لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم).
ذكر في الآية عقب هذا الحكم أن الرشد قد تبين من الغي، وفي هذه الحالة يكون من بقى على الكفر معاندا، لأن الحق قد تبين له، وبهذا لا يكون هناك اكراه على ترك الكفر عند تبين الحق والعناد فيه، كما لا يكون اكراه على ترك الكفر عند عدم تبين الحق، ولا شك أن هذا من الوضوح بمكان، وان غفل عنه الجمهور وادعوا أن نفى الاكراه في الدين منسوخ بآيات القتال، مع أن القتال في الإسلام إنّما شرع لحماية الدعوة الإسلامية، ولم يشرع لالجاء الناس عليها.
فلتسر جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية في طريقها الآمن، وبمجلتها التي تعتمد في دعوتها على الوسائل السليمة التي اعتمد عليها الإسلام، وانها لناجحة في دعوتها بتوفيق الله تعالى.