/ صحفة 424 /
وقال الفرزدق:
إذا باهلي تحته حنطلية له ولد منه فذاك المذرّع(1)
وقال غيرهما ما قال، ولقد لقي الأصعمي الباهلي الرواية عند جوبه البلاد والمفاوز من العرب ما يثير حفيظة الحليم، غير أن حرصه على التلقي والسماع كان يخفف عنه كل ما يسمع من هجر القول، فيجعله دبر أذنه وتحت قدمه، بل يتفكه به ويتندر، ولا يرى غضاضة في روايته ليحكيه في مجالس اللهو والمجانة إذا دعا الدايع.
ومن هذا تلك الدعابة المريرة التي نقلها الشمني عن شيخه كمال الدين الدميري في مناسبة شرح بيت الفرزدق الماضي.
دعابة مريرة:
(قال الأصمعي: لقيت صبياً من الأعراب في بعض الفلوات، ما أظنه ناهز الاحتلام، فجاورته فإذا هو من أفصح الناس، فقلت متعنتاً: هل تقول الشعر؟ فقال: وأبيك إني لأقوله وأنا دون الفصال، يعني الفطام، فأخرجت درهما وقلت: امدحني خذه، فقال: من أي العرب أنت؟ فقلت من باهلة، فقال: سوأة لي، أمدح باهليا، فقلت: فاهجني وخذه، فقال: إني والله نحتاج إليه، ولكن كلفتني شططا فزدني معرفة، فقلت أنا الأصمعي، فقال:
ألا قل لباغي اللؤم حيث لقته عليك عليك الباهلي ابن أصمعا
متى تلقي يوما أصمعيا جد له من اللؤم سربالا جديداً وبرقعا
اقذف الدرهم لا آخذه من يد لئيم، فقذفه، فأخذه)(2).
قال المبرد: (وأنشد أبو العباس لرجل من عبد القيس:
أباهلَ ينبجني كلبكم وأسدكم ككلاب العرب
ولو قيل للكلب يا باهليُّ عوى الكلب من لؤم هذا النسب)
ــــــــــ
(1) الحنظلية منسوبة إلى حنظلة أكرم قبيلة من تميم، والمذرع من أمه أشرف من أبيه، والبيت من شواهد المغني مبحث (إذا).
(2) حاشية الشمني علي الدماميني مبحث (إذا).