/ صحفة 54 /
أنه يجهل القراءة والكتابة، ويرطن رطانة لم تكن رطنت أيام نزل كتاب الله فأنا الزعيم بأنك تكون جاهلا جهلا عبقرياً لست أدري كم شركاؤك فيه.
قلت: شركائي فيه العامة جمعاء، وهو لهذا لا يصح وصفه بأنه عبقري، فالعبقرية ينبغي لها شيء من الغرابة أو الامتياز. اللهم الا أن تعدوا كثرة الشركاء امتيازاً، وانه لامتياز بالقياس إلى القلة التي لا تعمها العامة.
قال: في وسعك أن تثرثر ما وسعتك الثرثرة، وأن تصف جهلك المفترض الوصف الذي يلائمه. بيد أن لي اقتراحا أوجهه إلى من يعنون بأمر الإسلام والمسلمين: ألا فليحاولوا البحث عن المعاني التي كانت الألفاظ تؤديها حين نزل القرآ، على محمد عليه الصلاة والسلام. فلست أشك في أن قولهم (اصطلاحا) قد تناولها بالحذف والاضافة، فأصبح للغة مدلولات غير مدلولاتها الأول.
قلت: رويدك. لا ترمني بثلاثة الأثافي أو بما هو أدهى من ثالثة الأثافى، والثانية والأولى، فما كنت لأدعو إلى هدم العلم واعدام المصطلحات. وليت شعري ماذا يكون عمل العلماء ـ وشيخك منهم ـ إذا هدم صرح العلم، ودفنت المصطلحات؟ انها لأمور واجبة البقاء. ونحن من جملة العاملين على ابقائها والاضافة اليها، حتى في أحاديثنا هذه فأنت تراها تكاد لا تخلو من مصطلحات اللغويين والمنطقيين وغيرهم من أصحاب العلوم المصطلح على تسميتها علوما وفنونا. ولكن الله سبحانه وتعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق للناس كافة لا لأصحاب الفنون والعلوم وحدهم، وشاء ـ جلت مشيئته ـ أن يكون دينه يسراً لأعسرا، فيسر كتابه على لسان رسوله الأمين. فلتفهموه ولتفهموه الناس ميسراً كما أنزل، ولتتبعوا في فهمه وافهامه أسلوب الأميين.
ان العلم مشكلات أهونها متعسر، ولا تسل فما غير الهين فهو المتعذر، والمشكلات تلد وجوه النظر المختلفات، وهذه تتمخض عن فرقة الجماعات، وقد تمخضت عنها فغرقت الأخوة، ونسى المسلمون أنهم اخوة بنص الكتاب المبين.