/ صحفة 87 /
في ذلك غنم علمي لمن يصل إليه من الباحثين أو لمن يعرفه من القارئين؟ وما الذي يجعلنا نطوى القرون ونرجع القهقهري لننبش هذه الدفائن القديمة؟ وإذا كان الأمر في هذه المسألة وأمثالها خلافياً بين طائفة وطائفة، بل بين علماء الطائفة الواحدة كما هو الحال بين علماء السنة في هذه المسألة بالذات، فما بالنا لا نترك الخوض فيها احتياطاً لأنفسنا، وتورعا عن الحاق الأذى برجل قام الاجماع على أنه كان يجب رسول الله، وكان رسول الله يحبه؟
2 ـ يعترف كاتب المقال أن هناك وجهة نظر أخرى في هذه المسألة تكفل ببيانها كتاب (أسنى المطالب في نجاة أبي طالب) وهو مؤلف سنى عرض للموضوع على طريقة أهل السنة، وناقش الأدلة التي استدل بها المنكرون لايمان أبي طالب، وساق أدلة وأقوالا كثيرة تعارضها، فلماذا ضرب كاتب المقال صفحا عن هذا كله، ولم ينصف مخالفيه بذكر وجهة نظرهم؟ فلا هو بالذي آثر عدم الخوض في الموضوع، ولا هو بالذي أنصف إذ خاص فيه.
3 ـ يقول الكاتب (ألا انه لا يحل لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يزعم ايمان أبي طالب حقاً … الخ) فكيف يقول ذلك مع ما قرآه في: (أسنى المطالب) من اعتقاد كثير من علماء السنة بنجاته، ومنهم القرطبي والسبكي والشعراني والسحيمي؟ بل كيف يقول ذلك وقد جاء في هذا الكتاب ما نصه: (وقد ذكر الامام أحمد بن الحسين الموصلي الحنفي المشهور بابن وحشي في شرحه على الكتاب المسمى بشهاب الأخيار للعلامه ابن سلامة القضاعي المتوفى سنة 454 أن بغض أبي طالب كفر، ونص على ذلك أياً من أئمة المالكية العلامة على الأجهورى في فتاويه، والتلمساني في حاشيته على الشفاء، فقال عند ذكر أبي طالب (لا ينبغي ان يذكر الا بحماية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه حماه ونصره بقوله وفعله، وفي ذكره بمكروه أذية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومؤذى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كافر، والكافر يقتل) وقال أبو الطاهر: من أبغض أبا طالب فهو كافر.
ولا نحب أن نطيل بذكر النصوص والأقوال في ذلك، لأننا لا نبتغى التعرض