/ صفحه 241/
ليكن شعارنا:
المدرسة بجانب المسجد
لحضرة صاحب السماحة العالم الجليل الأستاذ محمد تقي القمي
السكرتير العام لجماعة التقريب
ـــــ
إن علاقة الدين بالمجتمع كثيراً ما تتعرض لأزمات وتطرأ عليها تطورات. فالمجتمع تارة يكون متمسكاً بدينه متحمساً له وكأن الدين عنده كل شئ. وتارة أخرى يقع ـ نفس المجتمع ـ في فوضى خلقية، وكأن لم يك بينه وبين الدين صلة، حتى أنه ليسخر من معتقداته السابقة، ويعتبر المادة كل شئ ولا شئ سواها.
إن الدين في الغالب يظهر في أحلك الأوقات وأشدها حيرة. فعندما تتحكم الفوضى، وتسود المادية، وتنبذ الفضائل، ويتنكر للمثل؛ يظهر الدين، فيجمع نفراً على عقيدة، ويوحد كلمتهم ويوجههم إلى الفضيلة وإلى الخلق وإلى المثل، ويتخذ من مساوئ المجتمع أدلة على الحاجة إلى الأخذ بتعاليمه، ويحرص في كل ما يأتي به على توجيه معتنقيه إلى قوة فوق البشر تجزي الخير بالخير والشر بالشر.
فإذا خرج بأتباعه من الحيرة والفوضى، ونظم الصلات بينهم على أسس من الفضيلة، كان من الطبيعي أن يتكون منهم مجتمع سليم يتمتع بقوة روحية وأدبية، وفي مثل هذا المجتمع تهدأ النفوس وتنصقل العقول، وهدوء النفس وانصقال العقل يمهدان السبيل للمعرفة، بل إن الدين نفسه يوحى بالمعرفة ويغري بها، والدليل على ذلك أن رواد العلوم كانوا غالباً من رجال الدين.