/ صفحه 282/
بين القرآن وعلم النفس
لحضرة الكاتب الفاضل الأستاذ عبد الوهاب حموده
ـــــــ
إن هذا القرآن كتاب هدى وبيان، ولن يدار الأمر فيه إلا على سياسة النفوس، ومخاطبة القلوب، ومناجاة الأرواح.
فالنظام الصائب إليه، والفهم الصحيح له، لا يقوم إلا على إدراك ما استخدمه من ظواهر نفسية، ونواميس روحية أدار عليها بيانه، مستدلا وهادياً ومقنعاً ومجادلا ومثيراً ومهدداً.
فالقرآن الكريم قد راعى قوانين نفسية عن مظاهر الاعتقاد ومسارب الانفعال ونواحي التأثير، وآثار من هذا ما أيد به حجته، وأظهر دعوته، وهو في ذلك يساير من شئون النفس الانسانية، ويتغلغل في شعابها وجوانبها، مما لم يهتد إليه العلم حديثاً، وهذا يدل دلالة قاطعة على أن القرآن ليس من وضع محمد النبي الأمي، وإنما هو من صنع خالق القوى والقدر.
من ذلك قوله تعالى في سورة سبأ: " قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا. ما بصاحبكم من جنة. إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ".
لقد كشفت لنا هذه الآية عما عرفه العلم حديثاً وسماه: " العقل الجمعي " يقول جستاف لوبون العالم الاجتماعي: