/ صفحه 421 /
في النقد الأدبي:
مستقبل الشعر
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ علي العماري
المدرس بالأزهر
ـ 3 ـ
عرضت في الحديثين السابقين لبعض الظواهر التي تشيع في شعرنا المعاصر، ولبعض الأسباب التي ادت إلى ضعف هذا الشعر وتخلفه، وعبت على طلاب الشهرة من المتشاعرين وأشباههم كسلهم العقلي، وعزوفهم عن دراسة الآداب القديمة، ثم نعيت عليهم اندفاعهم وراء مذاهب الأدب في الغرب دون أن يتفهموا حقيقة هذه المذاهب، وفي هذا المقال نتابع الحديث عن الجريح، ولكم كنت أئمني أن يكون سليما معافى.
ولكن لعلنا نستطيع أن نقيم بناء شامخا على أطلال متداعية.
ــــــ
وإذا كنا ننعى على شعرائنا التقيد بهذه المذاهب، ونؤيد تلك المدرسة الحديثة التي تطلق الشاعر حراً يشايع إحساسه الخاص، ويعبر عن وجداناته الذاتية، وتراه شاعراً سواء أحسن بما يخالج الجماهير ويعش في دنياهم، أو يبقى في صومعته يغرد لنفسه ويرد مشاعرها كأنما يحيا وحده في هذا الكون الرحيب وسواء هتف بآمال قومه وآلامهم أم غنى للكواكب والنجوم والزعازع والأعاصير، أقول إذا كنا نؤيد هذا الاتجاه فإننا نعجب أن يتجاهل الشعراء آمال قومهم، كأنهم يعيشون في دنيا غير هذه الدنيا التي يعيش فيها الناس حقيقة إن الشارع كالطير يغرد على الغصن الذي يروق له، ولكن بجانب ذلك حقيقة أخرى، وهي أن الشاعر رجل ذو إحساس مرهف، وهو يحيا بين الجماعة لا في صومعة ولا في